إن اولئك الذين يصفون مقاومة الاحتلال بالارهاب هم اعداء لدودون للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني
الاب عطا الله حنا


القدس وما تحتاجه منا
مواضيع متعلقة :

  

  إن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحق سشعبنا الفلسطيني هو انتهاك فاضح لحقوق الانسان ومساس خطير بالشرعية الدولية ، ناهيك عن كونه نشاطا احتلاليا قمعيا ارهابيا يتنافى والقيم الأخلاقية والروحية والإنسانية والدينية ، والجرائم الاحتلالية البشعة تُرتكب في كافة الأرجاء الفلسطينية ، فما يحدث في غزة وقطاعها هو جريمة ، وما يحدث في جنين ونابلس وطولكرم هو جريمة، وما يحدث في مناطق فلسطينية أخرى هو جريمة ، ولكن الجريمة الأكبر تُرتكب في القدس المستهدفة في عروبتها وفلسطينيتها وتراثها ومقدساتها وأرضها وانسانها وكل شيء فيها منذ أن تم احتلالها ، فكل شيء عربي فلسطيني في القدس مستهدف ، الحجر والبشر والمؤسسات الفلسطينية والمقدسات كلها يستهدفها الاحتلال في سياساته الهادفة الى تهويد وأسرلة المدينة وطمس معالمها ووجهها الحضاري الانساني العربي الفلسطيني الاسلامي والمسيحي ، ومن المؤسف حقا أن نرى إسرائيل تعمل على الأرض بجرّافتها وسياساتها التهويدية بأساليبها المتنوعة ، والمؤسسات العربية من لجان ومؤتمرات وهيئات التي تعمل من أجل القدس تكتفي ببيانات الشجب والاستنكار والدراسات التي تُبرز عروبة القدس وفلسطينيتها، وكأن ما تحتاجه القدس منا هو فقط بيانات ونصوص تقرأ وتكتب وتوزع هنا وهناك .

نحن لا ننكر أهمية المؤتمرات والمنتديات واللجان المدافعة عن القدس ولا نقلل من أهمية ما يُكتب من دراسات وبيانات حول القدس ولكن الكلمة المكتوبة غير كافية وهي مقصرة تجاه ما تقوم به سلطات الاحتلال بأدواتها المتعددة وأساليبها المتنوعة الهادفة الى بسط سيطرتها وهيمنة ثقافتها الاستعمارية وتهويد المدينة بشكل يزيف وجهها الحقيقي العربي الفلسطيني ، والتساؤل الكبير المطروح أمام العرب من مسؤولين ومؤسسات تراثية وحضارية ووطنية ، ماذا يجب أن نعمل للقدس؟ وهل تكفي الكلمات لمقاومة سياسات التهويد والأسرلة ، وما هو المطلوب من السلطة الوطنية الفلسطينية وحكومتها الجديدة ، إنها تساؤلات يضعها كافة الحريصين على المصلحة الوطنية والمهتمين بالشأن المقدسي ، فالمطلوب منا هو عدم الاكتفاء ببيانات الشجب والاستنكار وانما الانطلاق الى افاق عمل استراتيجي حقيقي على الأرض ، فالملايين من الأموال يصرفها كبار أثرياء اليهود لشراء عقارات في القدس ، ومصادرات الأراضي وهدم البيوت واعتقال الرموز الوطنية في القدس وتخويفيها ومن ثم اسكاتها ، كلها تحديات يجب ان يتم تدارسها بحكمة ودراية ومسؤولية . صحيح أننا نريد دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس ولكن لكي تكون القدس عاصمة لنا يجب ان نحافظ عليها ونقدم لها ما تحتاجه ونساند شخصياتها ومؤسساتها الوطنية ، وأن يكون العمل في القدس عملا منظما وفق برنامج عمل واستراتيجية مدروسة من قبل اخصائيين اذ لا يجوز ان نبقى متفرجين على ما يحدث في القدس وانما يجب ان نكون من صانعي الاحداث ، فشعار " القدس في خطر " الذي قلناه وسمعناه خلال العشرات من الأعوام الماضية هو ليس كافيا اليوم لوصف الأخطار الكبيرة المحدقة بالقدس ، فإذا ما كانت القدس في خطر قبل عشرين عاما فاليوم هي في كارثة حقيقية إذ أن سياسات التهويد والأسرلة التي تمارسها السلطات الاحتلالية ابتدأت تستشري بشكل واضح وخطير في كافة مناحي حياة الفلسطينيين المقدسيين ، وكأن الاحتلال لا يريد احتلال الأرض فقط وإنما يريد احتلال الفكر والثقافة والتراث والأصالة العربية الفلسطينية لأهلنا الصامدين في بيت المقدس.

ناهيك عن الموبيقات التي تنتشر من مخدرات وسواها التي نلحظها في قدسنا الحبيبة وكأن الاحتلال يريدنا في حالة تخدير دائم لكي لا نرى ما يدور حولنا .

إنني أدق ناقوس الخطر وأقول انقذوا القدس قبل فوات الآوان وأدعو الى حملة وطنية والى هبة جماهرية وعمل وطني منظم من أجل إنقاذ القدس والحفاظ على طابعها ومعالمها وتراثها وهويتها العربية الفلسطينية ، إننا نقول هذه الكلمات وهنالك في القلب غصة فنحن لا نريد اتهام احد بالتقصير واذا ما كان هنالك من هو مقصر تجاه القدس فكلنا مقصورون وكلنا نتحمل مسؤولية وطنية وتاريخية تجاه ما يحدث في القدس .أعيدوا الى القدس بهائها وصفاءها ولتمحى الغشاوة عن الأبصار لكي يرى الناس القدس بصورتها الحقيقية الواقعية ، وإذا ما أغلقوا بيت الشرق وغيره من المؤسسات الوطنية فلنجعل من كل بيت فلسطيني ومن كل مقدساتنا ومؤسساتنا بيت شرق جديد ، إنهم يريدون لنا ان نستسلم وان نخاف ونتراجع فنعتقد بأنه لا حول لنا ولا قوة تجاه ما يحدث ، كلا والف كلا ، فنحن قادرون على ان نعمل اشياء كثيرة وعلى انجاز عمل وطني كبير ونحن لسنا ضعفاء كما يصورنا البعض وشعبنا لم ولن يستسلم في أي ظرف من الظروف ، وفي أي مكان من الأمكنة فلننظم بيتنا العربي الفلسطيني ولننظم برنامجنا الهادف للدفاع عن القدس ، هذا هو التحدي المطروح امام الحكومة الجديدة اننا لا نقلل من اهمية ما هو مطروح من قضايا للمعالجة امام الحكومة الجديدة ، ولكن القدس يجب ان تاخذ حيزا اساسيا هاما يليق ومكانتها الروحية والوطنية لكي لا تبقى مقولة القدس عاصمتنا شعارا نتغنى به وإنما واقعا نعيشه .