رسالة الشيخ المقدسي يوسف ضياء الخالدي الى هرتسل
تاريخ النشر : 14:10 28.05.02

الحلقة الأولى

مع نهاية القرن التاسع عشر ونتيجة لإضطهادهم هناك بدأ اليهود مغادرة روسيا القيصرية حيث توجه حوالى مليونان منهم الى امريكا التي كانوا يعتبرونها بمثابة "الأرض الموعودة" .
لكن مجموعة صغيرة منهم تقدر ببضعة آلاف كانت على قناعة من ان علاج هذا الإضهاد المتواصل لليهود عبر التاريخ يكمن في تأسيس كيان خاص بهم .
من هنا بدأت اول هجرة يهودية منظمة الى فلسطين التي كانت آنذاك كباقي الوطن العربي جزء من دولة الخلافة العثمانية .
ويذكر التاريخ عن هذه المجموعة اليهودية انها عاشت منعزلة عن بقية السكان العرب في فلسطين وكانت تخفي نواياها الحقيقية والماثلة في زرع نواة لمجتمع يهودي على الأرض الفلسطينية .
ولم تمض عدة سنوات على وصول المجموعة اليهودية الى فلسطين حتى ظهرت في اوروبا الحركة الصهيونية التي أسسها الكاتب الصحفي النمساوي تيودورهرتسل والذي طرح فكرة نظرية في كتيب صغير حمل عنوان "الدولة اليهودية" وذلك في عام 1896 م .
ومع أن الأرجنتين التي عرضت على اليهود كوطن محتمل كانت في ذلك الوقت تشتمل على مساحات شاسعة غير مأهولة بالسكان إلا أن خيار هرتسل وقع على فلسطين لإعتقاده بسهولة إقناع دول أوروبا الإستعمارية بأن كياناً لليهود في فلسطين سيكون بمثابة الجدار الواقي والمنيع ضد إنتشار نفوذ أعداء اوروبا عن طريق آسيا وأفريقيا .
لقد أخذت الحركة الصهيونية على عاتقها وعلى مدى الأعوام التالية لتأسيسها تنظيم هجرة يهود اوروبا الى فلسطين .
على إثر ذلك إرتفع عدد اليهود في فلسطين من 24 الفاً عام 1881 الى 60 ألفاً تقريباً مقابل حوالي 550.000 فلسطيني تم إحصاء عددهم في نهاية القرن التاسع عشر .

  • رسالة الشيخ يوسف ضياء الخالدي ورد هرتسل عليها :

  • على عكس ما روج له الإعلام العربي لسنوات طويلة فقد كان الفلسطينيون على دراية تامه ومنذ البداية بالخطر القادم ، ففي رسالته المؤثرة الى هرتسل والحركة الصهيونية كتب عالم الدين المقدسي الشيخ يوسف ضياء الخالدي يستحلف اليهود بالله العظيم ترك فلسطين وشأنها وترك شعبها للعيش بسلام على تراب وطنه ، مشيراً الى ان العالم كبير وان هنالك بلدان عديدة غير مأهولة يستطيع اليهود الإستيطان فيها .
    ورد هرتسل على رسالة الخالدي برسالة يتعهد فيها ان ليس هنالك نوايا بطرد السكان العرب من فلسطين وأن قدوم اليهود للعيش في فلسطين سيجلب معه الخير والرفاهية للجميع وأن اليهود بما يملكونه من مال وعلاقات سيعملون على النهوض الإقتصادي بالبلاد وفي جميع المجالات .
    لكن إستجداء الخالدي ذهب في مهب الريح بسبب شراهة ملاك الأرض العرب والذين كانوا يسيطرون على مساحات شاسعة من أراضي فلسطين الخصبة ولم يكن للفلاحين الفلسطينيين سوى حق السكن فيها وزرعها وإرسال المال للملاك العرب .
    هؤلاء الملاك الإقطاعيين تهافتوا على بيع الأرض لليهود مقابل مبالغ طائلة مما أدى الى طرد الكثير من الفلاحين الفلسطينيين منها .
    على ان من سمح له بالبقاء كعامل لديهم كان يعامل من اليهود معاملة السيد للعبد .
    ويصف آشاد حام هذه المعاملة بالقول : كان اليهود يطلقون على عمالهم الفلسطينيين لقب "البغال" طبقاً لما ورد في التلمود من وصف للكنعانيين بالحمير والبغال .
    وكان اليهود يبررون ذلك التعامل بمعرفتهم للطبيعة العربية حيث كتب موشي سميلانسكي يصف طبيعة العربي بالقول : إذا شعر العربي بقوتك يصبح ذليلاً لك ويخفي ما لديه من عداء ضدك ، وإذا شعر بضعفك فسيحاول عندها السيطرة عليك .

    إعداد : احمد منصور
    الحلقة القادمة