غالبية المراقبين قرأووا التشكيلة الوزارية لسلطة الحكم
الذاتي قراءة سطحية غير متعمقه ، هؤلاء شغلهم المظهر عن المخبر ولم يغوصوا إلى ما تحت سطح الماء ،
بعضهم راح يعد على أصابع يديه العدد وكيف تقلص إلى 21 وزيرا ،
بعضهم الآخر راح يستعرض الوجوه القديمه وكم بقي من الفاسدين وكم تم إقصاؤه
وآخرون شغلتهم الوجوه الجديدة جدا وراحوا يسألون عن خلفياتهم .
ربما عدد قليل وأزعم أنني واحد منهم .. رأى في الأمر عجبا يجعل شعر الرأس يقف
من هول الفاجعه .
هذا العجب يشكل أخطر تنازل على الصعيد السياسي تم تقديمه لشارون على طبق إسمه
الوزارة الفلسطينيه الجديدة .
هذا التنازل العرفاتي تم إخفاؤه بعناية عن أعين الناظرين والمراقبين ،
والتنازل هو تنازلان وهما يمسان مدينة القدس بل يعتبران عنوانا لصفقة تمت لا شك
وراء الكواليس .
التنازل الأول : يتمثل في شطب عرفات لوزارة شؤون القدس ولم يكن الشطب يصب في
مجرى التقليص لعدد الوزارات وإنما شطب وزارة القدس يعني (( سحب الرمز السياسي
الفلسطيني عن القدس )) ذلك أن "اسرائيل" كانت تصر على شطب هذه الوزارة لما تمثله
من معنى للإرتباط السيادي السياسي .. وها نحن فعلا نرى وقوع الكارثة ببداية
مسلسل تنازلات قادمه على الطريق
والكارثة الأخرى وهي أيضا تتعلق بمصير القدس فقد تمثلت بعدم تعيين وزيرا
للأوقاف ورغم أن وزير الحكي الفلسطيني ياسر عبد ربه أوحى خلال مؤتمره الصحفي
بأن البحث جاريا لتعيين وزير للأوقاف إلا أن المسألة هي غير ذلك تماما فكما هو
معروف أن أثمن وأسمى الممتلكات الوقفيه هي في داخل مدينة القدس وقد عملت السلطة
الفلسطينية عبر عدم تعيين أي وزير للأوقاف سابقا وحاليا على (( تعويم مسألة
السيادة وحق التصرف )) وظلت أمور الأوقاف في القدس تدار في الخفاء لإرضاء
"اسرائيل" من جهة وجبر خاطر الأردن من جهة أخرى
هكذا يكون هذا التشكيل الوزاري أوجد حلقة إرتباط لسحب الرمزية السياسيه للسيادة
الفلسطينيه على القدس مدنيا ودينيا بل وذهب لأبعد من ذلك عبر إعلان السلطة فك
إرتباطها بملف القدس عبر القول أن حامل ملف القدس صار تابعا لمؤسسة منظمة
التحرير وهكذا سيضيع أمر القدس بين حانا وبين مانا .
في يقيني أن ما حملته هذه الوزارة في أحشائها سرا .. هو أخطر من اوسلو ذاتها
لأنها شطبت مقدما .. القدس .. وسلختها عن أمها فلسطين
ويقولون لك هذه وزارة لأجل الإصلاح !