ذات يوم قبل أشهر صرح وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين بن العازر بأنه يضمن شخصيا ـ سلامة الرئيس عرفات ـ .. وجاء ذلك التصريح وسط جدل صاخب في "اسرائيل" بشأن مصير عرفات .
طبعا قليلون فهموا تصريح بن اليعازر فهما دقيقا ذلك أن الغالبية كانوا وربما ما زالوا يعتقدون أن عرفات هو عبء على "اسرائيل" لكن العكس هو الصحيح ولا بد من التأكيد بأن الأمر لم يكن بيد عرفات ليقرر في ما إذا كان سيكون عبئا على "اسرائيل" أم لا .
الظروف كلها التي إنبثقت عن اوسلو أفضت لأن يصبح عرفات تماما كالمختار في عهود الإستعمار .. فهو يتحمل مسؤولية ضبط الأمن في حارته وعليه الإمساك بكل من يخل بالأمن وإلا .. يسحبون منه "ختم المختره"
على هذا كان "المختار" يعيش الإزدواجية فهو يسعى للجمع بين النقيضين .. بين رضى الإستعمار وبين رضى سكان الحاره ويثبت تاريخ المخاتير أنهم كانوا ضحايا ( أسر الخوف على ختم المختره وأسر الخوف على شؤون الحاره ) والنتيجة دائما أن المختار كان "عزيز" الإستعمار لكن هذا العزيز ظل يركض لمزيد من الخدمة ليتلقى بالتالي مزيدا من التقريع
واليوم عرفات يجسد دور المختار فقد وجد نفسه بين حجري الرحى يندفع كل يوم راكضا ( لإثبات حسن نواياه ) معتقدا أن ذلك سيدفع بعضا من الأذى عن شعبه لكنه لا يلقى حمدا ولا شكورا ( فلعزيز فؤاد ) – عزيز بنيامين بن اليعازر – دور ثمين جدا ذلك أنه يصب في سياق المثل القائل ( فخّار يكسّر بعضه )
وفقا لنظرية المختار فقد كان محظورا ـ على الإستعمار ـ الإشادة بالمختار حتى لو قدم لهم لحم كتفيه وهذه النظرية تنبع من الخشية من أن يغتر المختار وتكثر طلباته ويأخذ في الدلال
تماما يجري هذا اليوم على عرفات فـ "اسرائيل" تخشى لو أشادت به أن يقع في أحضان الدلال وتكثر طلباته لذا فهم ماضون في عصره كما تعصر الليمونه
هكذا يتضح بجلاء أن مرض عرفات هو ( ختم المختره ) أي ما أفرزته اوسلو وهو السلطة الفلسطينيه وليس من شفاء لهذا المرض سوى ـ بإلقاء ختم المخترة ـ وبركل السلطة كلها والخروج من عباءة (( الإحتلال غير المنظور المسمى بإعادة الإنتشار
هذه هي أقوى ورقة إستراتيجية في يد عرفات .. وهي الورقة التي تحافظ عليها "اسرائيل" أشد المحافظة بل تعتبرها كنزا استرايجيا
فحين يبط عرفات دمل السلطة ويعلن أن الأرض والشعب هما جميعا تحت إحتلال فهل ستجد "اسرائيل" من تحمله المسؤولية عن وقوع أية عملية كما تفعل اليوم
على عرفات أن يترك السلطة تذهب أدراج الرياح لتستقيم معادلة الصراع .. شعب محتل ( كما هو الواقع ) في مواجهة إحتلال ..
هل إتضحت صورة الخدمة الإستراتيجية التي تحظى بها "اسرائيل" بوجود السلطة ؟؟
لهذا هي حريصة على بقاء السلطة .. وبقاء المختار .. فالمختار في عهد الإستعمار كان يشكل نصف الأمن للإستعمار ووهم الإحساس لدى سكان الحاره بأن لهم مسؤول من ظهرانيهم
الحالة متماثلة تقريبا بين (( مخاتير زمان وبين رموز هذه السلطة )).