أنا متفاءل جدا .. بل متفاءل بدرجة خمسة نجوم ... وأزداد تفاؤلا أكثر فأكثر في زحمة تشاؤم الآخرين .. حين تشاءم المتشائمون من إتفاق اوسلو مثلا .. وبعد أن قرأته جيدا خرجت بإنطباع أن إتفاق اوسلو هو وثيقة لضمان حرب قادمه وليس للتبشير بسلام على الطريق .
السبب كان واضحا في جوهر الإتفاق .. وهو أن الإتفاق لم يؤكد على أن فلسطين .. لأهلها .. تماما كأي إتفاق لا يرجع نسب طفل إلى والده .
أيضا إزددت تفاؤلا بعد سماعي لخطاب الرئيس السادات قبل سنوات من على منبر الكنيست حين قال : "حرب أكتوبر كانت آخر الحروب" .. يومها كثيرون بكوا .. وغاصوا في أحزانهم .. لكنني قلت يومها لمن حولي (هذا الرجل هو مسيلمه السياسي) .. وها قد مضت أكثر من عشرين عاما تبين بعدها أن شعب مصر هو اليوم أكثر كراهية لـ "إسرائيل" مما كان عليه بل إن "الإسرائيلين" أنفسهم .. يقولون أن سلام مصر هو تحضير لحرب على الطريق .. والسؤال هو مجرد التوقيت وليس مسألة التقرير ..
حتى وأنا أشاهد بناء الجدار الفاصل .. لا ألطم الخدود ولا أشق الجيوب بل أرى في الجدار إقرار من "الإسرائيلي" بأنه يعيش خارج طبيعة الأشياء .. الخطر هو أن يشعر بأنه ((طبيعي)) .. حتى بالنسبة لدعواه أن القدس هي عاصمته فلا توجد دولة واحدة تعترف له بذلك .. دلوني على دولة واحدة فوق الأرض عاصمتها لا أحد يعترف بها ؟؟
لكن السبب الأساس لتفاؤلي .. هو مخزون خميرة الصراع وليس فائض مبادرات السلام .
ففي القدس وحول أسوارها يكمن هذا المخزون وهو ((أن فلسطين تستعصي على أي حل)) .. فمن كان يتصور ويتخيل في عام 67 أن تجيء لحظة يكون فيها الصدام على شواطىء بحر يافا وفي نتانيا .. ألم يقولوا أكثر من مرة أن فلسطين راحت وماتت .
يقولون لك أن المستوطنات تبتلع الأرض ولكني أقول لهم أن الأرض هي التي تبتلع المستوطنات .. .. فلسطين كرقعة جغرافيه لن تنقص ولن تزيد .. وستبقى تنتظر .. تخمر العجين .. ..
فما هو الحل إذن ؟؟ ما دام لن يكون هنالك حل وما دامت فسطين تستعصي على الحل ؟
أشعر بالنشوة والمتعة .. حين أسمع من أصدقاء في فلسطين .. أن جنرالات الجيش "الإسرائيلي" .. يتوقفون بدباباتهم إثناء غزو المدن الفلسطينيه بجانب أي فلسطيني عابر سبيل ليطرحوا عليه سؤالا محددا هو : ما هو في رأيك الحل ؟؟
فلسطيني آخر ذكر لي .. أنه على الحواجز يشتمون الفلسطينيين ثم يسألونهم : ما هو الحل ؟؟
وقبل أن يلقي "الإسرائيلي" تحية الصباح على "اسرائيلي" آخر .. يكون سؤاله الأول : ماذا ستكون النهاية ..؟؟ أما سؤاله الثاني فيكون عن سعر الدولار ؟؟
الحل موجود ومتيسر وهو ما سيكون ؟؟
الحل باختصار هو ((أن تحزم الصهيونيه حقائبها))
وماذا بشأن اليهود .. ((أن ينالوا حكما ذاتيا)) .. كيان بدون أنياب .
هنا سيقول كثيرون هذا ليس معقولا ... تماما كمن قالوا ذات يوم ليس معقولا أن تنهار إمبراطورية بريطانيا العظمى