من الطبيعي أن تكون قصة الأم الفلسطينية التي ودعت إبنها قبل إستشهاده من أكثر القصص إثارة ولفتا للإنتباه بل في إعتقادي أنها قصة ستبقى تروى عبر التاريخ تحت عنوان (الأم الفلسطينية)
الأم الفلسطينية هنا ليست أول أم تترك إبنها .. هنالك كثيرات من الأمهات قمن ببيع أطفالهن .. وتعجز المشاعر عن إستيعاب موقف أم تبيع إبنها وسرعان ما قد يحكم المرؤ بأن قلب الأم التي تبيع إبنها هو قلب مقطوع من الصخر ومتحجر .. ولكن التعمق في ظروف الأم والإبن سنجد أن الأم التي تبيع إبنها تحمل في قلبها حبا أكبر مما عرفه العالم فهي من حبها لإبنها تبيعه لكي يخلص من وضع مظلم .. ليحظى بعيش أكرم فهي تبيعه لتشتري مكان فقره ألما يعصر قلبها ويمزقه .. الأم التي تبيع إبنها هي الأكثر عطفا وحبا .. وهي تظل بطريقة وأخرى تحوم حول مكانه ومكان من إشتراه .. فالأم التي تبيع أبنها يبقى معها الأمل أنه سيكبر وقد تراه وقد يعود إليها .
الأم الفلسطينة في موقفها بإلتقاط صورة له معها وتوديعه ضربت مثلا آخر يحاول "الإسرائيليون" تشويهها بوصفها متحجرة القلب وقاسية وفظة وتفتقر لمشاعر الأمومة .. واضح أنهم سيقولون ذلك .. إنما نحن نشهد الأم الأكبر عبر التاريخ في حبها لإبنها وأنها الأم الأعظم في التاريخ في حرصها على خلاص إبنها من زنزانة الموت المسمى بالإحتلال .
فهذه أول أم تودع إبنها دون أمل في رؤيته مرة أخرى على وجه الأرض .. الأم الهندية أو الإفريقية حين تبيع إبنها يبقى لديها أمل في لقاء ذات يوم لكن هذه الأم الفلسطينية .. عايشت تماما حالة إبنها تحت القهر .. ووصلت حد أنها لم تجد له طريقا للحياة سوى .. الموت
هكذا يبدو حب الأم في سقفه الأعلى بدرجة تضع هذه الأم الفلسطينية على "عرش" الحب المثالي .
يقينا أن التاريخ سيخلد هذه الأم كمثل وأنموذج عن مدى حب الأمهات لأبنائهم .. .. فكأني بها حملته فوق راحة يدها ملقية به إلى الهواء الطلق وأشعة الشمس لإخراجه من عتمة نفق الإحتلال والقهر ..