أخطر ما تم طرحه هذه الأيام هو مقولة أن "اسرائيل" تستهدف أمرين .. الأمر الأول هو شعب فلسطين والأمر الثاني هو السلطة الفلسطينية ..
التمعن الجيد في هذا يظهر لنا أن السلطة الفلسطينية وضعت نفسها في الميزان في كفة مساوية لكفة الشعب او الوطن .. أي أنها في هذا السياق نصف القضية .. وانه إذا تلاشى هذا النصف فخطر الموت سيحدق بالنصف الآخر .
ضمن هذا التنظير نفسه أنزل رموز السلطة إلى السوق شعارا آخر يقول : "هنالك شرعية واحده هي شرعية السلطة وأن هذه الشرعية لا تعلو عليها شرعية أخرى ولا يجوز أن تشاركها أو تزاحمها شرعية أخرى" .
ما يخفيه هذا الشعار هو أسوأ من المقولة الأولى ففي المقولة الأولى تواضع "الآباء الرموز" فاعتبروا أنفسهم "نصف" القضية إنما عبر طرح التنظير بإسم الشرعيه فهم شطبوا فلسطين دفعة واحده وأصبحوا بإسم أنهم "الشرعيون" الوحيدون الأوصياء دون جدل على القضية برمتها .. إذ بإمكانهم أن يحللوا الحرام وأن يحرموا الحرام من منطلق "وحدانية" الشرعيه .
هنا تقفز مسألة الوطن لأي إنسان وهذه المسألة غريزيا ومنطقيا هي الشرعية الأساس بمعنى أنه لا شرعية فوق شرعية الوطن وأن أي شرعية أخرى هي شرعية تابعة أو من الدرجة الثانية ولا تكون الشرعية التابعة متوفرة إلا إذا توفرت الشرعية الأولى .. وشرعية الوطن لا تكتمل حين يكون الوطن محتلا .. فأساس كل توجه يجب أن يصب بداية لتجسيد شرعية الوطن عبر حريته واستقلاله وكل شرعية أخرى والوطن محتل هي شرعية زائفه ومضلله حتى لو جاءت عبر صناديق الإقتراع .
ففي وطن مستعبد لن تفرز صناديق الإقتراع سادة وأحرارا بل سيكون إفرازها عبيدا أو أشباه عبيد وبالتالي لا شرعية لأمثال هؤلاء بل تعلو على شرعيتهم شرعية الوطنوبالتالي شرعية المقاومة لإنجاز شرعية الوطن .
على ذلك فإن أية محاولة للأخذ بالشرعية الزائفة وسيلة لخنق شرعية الوطن أو شرعية المقاومة هي محاولة محكومة بالفشل شرعية الوطن فوق شرعية الفرد وفوق شرعية السلطة هذا حتى في الظروف الطبيعية فما بالك في ظروف مغايرة ..
من هنا تكون أية إنتخابات في غياب شرعية الوطن أي حريته هي إنتخابات تكرس عدم الشرعية أي تكرس إستعباد الوطن .. حتى ولو لبست مثل هذه الإنتخابات لبوس النزاهة في هذا السياق فإن إنتخابات المجلس التشريعي السابق هي إنتخابات غير شرعيه كما هي أيضا إنتخابات الرئاسه .. والقادم على الطريق من رحم الإحتلال تحت إسم "إنتخابات" هو كاللقيط .
ما هو شرعي فقط .. المقاومة مع الشعب .. لا أكثر ولا أقل .. لذا فإن أية إدانة للمقاومة من قبل "الآباء الرموز" هي إدانة غير شرعية من جهة غير شرعية .
فقط بعد أن يتحرر الوطن عندها تتحدث صناديق الإقتراع ولكنها تصمت وتخرس وتعطي مكانها لبنادق المقاومة ما دام هنالك إحتلال .