في أول المواجهات السياسية الحقيقية بينهما منذ عام 2000
انتصار محدود ولكنه هام للوبيين العربي والمسلم على اللوبي "الإسرائيلي" في ألباما

بقلم: علاء بيومي /كاتب ومحلل سياسي - واشنطن

16:34 08.06.02

المقالة التالية غير منشورة ويمكن نشرها مع الإشارة إلى مصدرها
= = = = = =
حقق اللوبيين الأمريكيين المسلم والعربي انتصارا هاما ولكنه محدودا في أولى المعارك السياسية الحقيقية التي خاضاها منذ عام 2000 في مواجهة اللوبي الإسرائيلي، وقد وقعت المواجهة في الدائرة الانتخابية السابعة بولاية ألباما يوم الاثنين الرابع من يونيو الحالي إذا خاض عضو مجلس النواب الأمريكي إريل هيلليارد والذي سانده اللوبين المسلم والعربي معركة للمنافسة على مقعد الحزب الديمقراطي بدائرته الانتخابية في مواجهة إرتور ديفيس مرشح اللوبي "الإسرائيلي" المفضل.

وقد جذبت المواجهة السياسية التي وقعت بواحدة من أفقر الولايات الأمريكية اهتمام الصحافة الأمريكية لتأثرها المباشر بالصراع الدائر بين اللوبي الإسرائيلي واللوبيين المسلم والعربي حول التأثير على السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، الأمر الذي جذب أموال طائلة تقدر بمئات الآلاف من الدولارات الأمريكية إلى المعركة الانتخابية التي تقع في واحدة من أفقر الولايات الأمريكية.

وقد أعلنت نتائج المعركة الانتخابية في يوم الثلاثاء الخامس من يونيو، إذ أعلن فوز إريل هلليارد بـ 43839 صوت وهو ما يعادل 45 % من الأصوات، بينما حصل أرتور ديفيس على 42689 صوت وهو ما يعادل 44 % من الأصوات، بينما راحت نسبة 11 % من الأصوات إلى مرشح ثالث.

ونتيجة لذلك سوف يواجه هيلليارد منافسه ديفيس في معركة ثانية حاسمة على مقعد الحزب الديمقراطي عن الدائرة السابعة في ولاية ألباما في الخامس والعشرين من يونيو المقبل.

ويمكن النظر إلى نتائج الخامس من يونيو على أنها نصر محدود ولكنه هام للوبيين المسلم والعربي على اللوبي الإسرائيلي، فهو محدود لأنه لم يكن كافيا لمنح هلليارد 51 % من الأصوات ومن ثم الأغلبية التي تكفيه لعدم منافسة ديفيس مرة أخرى على مقعد الحزب الديمقراطي للدائرة السابعة بولاية ألباما.

وهو محدود أيضا لأن ديفيس حاز على نسبة من الأصوات أكثر بكثير من النسبة التي حاز عليها في انتخابات عام 2000، إذا تفوق هلليارد على ديفيس بنسبة 24 % من الأصوات.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أن هلليارد كان متقدما على ديفيس بنسبة 12 % من الأصوات في شهر مارس الماضي قبل أن يبدأ اللوبي الإسرائيلي تكثيف حملته لمساندة ديفيس.

ورغم ذلك تعتبر نتائج الخامس من يونيو نصرا هاما للوبيين المسلم والعربي لأسباب عديدة، منها أن هلليارد يخوض انتخابات هذا العام في دائرة جديدة نسبيا عليه، إذ قادت تعديلات أجريت على خريطة الدائرة الانتخابية السابعة بولاية ألاباما في أوائل عام 2000 إلى حرمان هلليارد من بعض أهم المقاطعات المساندة له والتي يغلب عليها الناخبين الأفارقة الأمريكيين خاصة في مقاطعة مونتجمري، بينما أضيفت إلى الدائرة بعض المقاطعات التي يغلب عليها السكان البيض حيث تتزايد مساندة ديفيس وخاصة في مقاطعتي برمنجهام وتوسكالسو.

أضف إلى ذلك أن المواجهة بين هيلليارد و ديفيس كانت أول مواجهة سياسية حقيقية بين اللوبيين المسلم والعربي من ناحية واللوبي الإسرائيلي من ناحية أخرى منذ انتخابات نوفمبر 2000، ومن أهم المظاهر الإيجابية التي شهدتها هذه المواجهة عودة اللوبي المسلم الأمريكي القوية للساحة السياسية بعد أن تصور البعض أن أحداث سبتمبر سوف تعيقه عن الاستمرار في تقدمه السياسي.

فقد شهد عام 2000 صعودا ملحوظا لنجم اللوبي المسلم الأمريكي على الساحة السياسية الأمريكية إذ أتحد غالبية المسلمون الأمريكيون خلف منظماتهم الكبرى للتصويت لمرشح الحزب الجمهوري جورج دبليو بوش وصوتوا كأول كتلة انتخابية مسلمة أمريكة موحدة في التاريخ.

وقد مثل فوز بوش الذي لم يؤيده اللوبي الإسرائيلي انتصارا هاما للوبي المسلم الأمريكي إذا فتح شهية القوى السياسية المسلمة الأمريكية الناشئة على العمل السياسي.

ولكن بعد وقوع أحداث سبتمبر واجهت اللوبي المسلم الأمريكي العديد من الظروف السياسية القاسية شملت التضييق على حقوق وحريات أعداد غفيرة من المسلمين المقيمين في أمريكا، وإغلاق عدد من أكبر مؤسساتهم الإغاثية، وحملة تشويه سياسية وإعلامية كبيرة شنها تحالف من اللوبي اليميني المتطرف واللوبي الإسرائيلي ضد القوى السياسية المسلمة الأمريكية الناشئة.

وقد تسأل البعض عن مدى قوة اللوبي المسلم الأمريكي السياسية بعد أحدا ث سبتمبر خاصة مع ندرة المعلومات المتوافرة عنه، وقد كشف المواجهة بين هيلليارد وديفيس عن أن قوة اللوبي المسلم الأمريكي في تصاعد لأسباب عديدة، منها أن المسلمين الأمريكيين واجهوا أزمة سبتمبر مثلما واجهوا أزمة حرب الخليج الثانية بشعور متزايد برغبة في المواطنة الأمريكية وممارسة حقوقهم السياسية، والواضح أن الأزمات السياسية الكبرى تزيد من رغبة مسلمي أمريكا على المشاركة في السياسة الأمريكية وليس العكس.

والواضح أيضا أن حملة التضييق على حقوق وحريات المسلمين والعرب في أمريكا والذي طغت أخبارها على تناول الإعلام العربي والإسلامي لقضايا المسلمين والعرب في أمريكا أخفت تحتها مساعي المسلمين الحثيثة لزيادة قوتهم السياسية.

ومن أبرز هذه المساعي - والتي كشفت عنها مواجهة هيلليارد مع ديفيس - جهود مسلمي أمريكا الحثيثة لتسجيل أكبر عدد من الناخبين المسلمين في الكشوف الانتخابية سعيا منهم لبناء قاعدة تصويته قوية، وجهود أخرى بذلها بعض الكتاب والنشطين المسلمين الأمريكيين لتوعية المسلمين والعرب بالسياسيين الأمريكيين المساندين لهم ولقضاياهم وخاصة في الكونجرس الأمريكي.

ومن المهم أيضا أن نوضح أن اللوبي المسلم الأمريكي بذل خطوات واسعة على سبيل حشد طاقاته المالية لمساندة المرشحين المساندين لقضاياه ماليا، وقد أشارت صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر في 3 يونيو 2002 إلى أن الأموال المسلمة والعربية ظهرت بوضوح في حملة مساندة هيلليارد حيث رتبت الجماعات العربية والمسلمة أكثر من حملة تجميع تبرعات لهيلليارد في ولايات مثل كاليفورنيا ومشيجان حيث تعيش تجمعات عربية ثرية.

ومن المظاهر الإيجابية الهامة الأخرى التي شهدتها المواجهة بين هيلليارد وديفيس هي تحالف اللوبيين العربي والمسلم في انتخابات نوفمبر التشريعية، وهما معا يمكنهما أن يفعلا الكثير.

ويعتبر اللوبي المسلم الأمريكي واللوبي العربي الأمريكي حليفين طبيعيين وكان يصعب حتى وقت قصير التمييز بينهما، ولكن مع نهاية التسعينات أصبحت هناك إمكانية للتمييز بين اللوبي العربي الذي تقود منظمات مثل المعهد العربي الأمريكي واللجنة العربية لمكافحة التمييز واللوبي المسلم والذي يقوده تحالف المنظمات السياسية المسلمة الأمريكية والذي يضم منظمات سياسية مسلمة أربعة كبرى وهي مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية، والمجلس الإسلامي الأمريكية، ومجلس الشئون العامة الإسلامية، والاتحاد الإسلامية الأمريكي.

ويتميز اللوبي العربي بتاريخه الطويل نسبيا مقارنة بالمنظمات السياسية المسلمة الأمريكية، كما يتميز أيضا بنجاحه في الدفع بعدد من العرب أمريكيين في مواقع بارزة في أكبر المؤسسات الأمريكية ومنها الكونجرس حيث يتواجد ستة نواب عرب أمريكيين والإدارة الأمريكية الحالية حيث يتواجد وزير الطاقة العربي الأصل سبنسر إبراهام.

أما اللوبي المسلم فيتميز بحداثة نشأته وأعداده الكبيرة حيث تقدر أعداد المسلمين في أمريكا بحوالي ستة ملايين نسمة، كما يتميز أيضا بطبيعته الشابة وترابطه الأيدلوجي القوى.

وفي انتخابات عام 2000 لم يستطع اللوبيين المسلم والعربي توحيد صفوفهما خلف مرشح رئاسي واحد، حيث مال العرب الأمريكيون إلى مرشح الحزب الديمقراطي آل جور، إذا يميل العرب الأمريكيين تقليديا للحزب الديمقراطي.

بينما ساند المسلمون الأمريكيون مرشح الحزب الجمهوري جورج دبليو بوش. ويتميز المسلمون الأمريكيين بارتباطهم الحزبية غير القوية مما يساعدهم على المناورة السياسية بالتحرك بين الحزبين السياسيين الكبيرين في أمريكا لتأييد المرشحين المؤيدين لقضاياهم بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو الإيديولوجية.

ومن المرجح أن تشهد انتخابات نوفمبر القادم إعادة توحيد لصفوف اللوبيين المسلم والعربي خلف نواب الكونجرس المساندين لهم والمعروفين للجميع بشكل يصعب الاختلاف عليه، وقد حدث ذلك في الرابع من يونيو 2002 حين واجهة إريل هيلليارد منافسه المؤيد لإسرائيل أرتور ديفيس. وتشير التحليلات أن اللوبيين المسلم والعربي وقفا موحدين خلف هيلليارد.

أما النتيجة الإيجابية الثالثة التي نتجت عنها انتخابات الدائرة السابعة بولاية ألباما فهي تقريب صفوف المسلمين والعرب الأمريكيين مع صفوف أحد أهم الأقليات الأمريكية وهي الأقلية الأفريقية الأمريكية، وقد نشرت بعض وسائل الإعلام المعبرة عن مواقف الأفارقة الأمريكيين مثل بلاك ألوكترات دوت كوم تحليلات عن دور اللوبي الإسرائيلي في انتخابات ألباما وأشارت بعض التحليلات المنشورة في 3 يونيو 2002 أو قبل الانتخابات بيوم واحد إلى أن تدخل الإيباك في انتخابات ألباما هي جزأ من مساعي الإيباك التاريخية للتفرقة بين الأفارقة الأمريكيين من ناحية والمسلمين والعرب من ناحية أخرى خوفا من أن يميل الأفارقة الطبيعيين للمسلمين والعرب حول قضية فلسطين.

وقد أوضحت هذه التحليلات أن اللوبي الإسرائيلي خشي دائما من أن يميل الأفارقة الأمريكيين مع تزايد قوتهم السياسية واستقلالهم الفكري إلى المسلمين والعرب بسبب جذورهم التاريخية المشتركة وبسبب إمكانية أن يربط الأفارقة الأمريكيين بين معاناتهم في أمريكا ومعاناة الأفارقة في جنوب أفريقيا وبين معاناة العرب في فلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي.

وتقول المصادر أن اللوبي الإسرائيلي سعى للتفرقة بين الأفارقة الأمريكيين والعرب بشتى الوسائل مثل التأثير على السياسيين الأمريكيين ماليا وسياسيا وإعلاميا، ومثل شن حملات تشوه صورة المسلمين والعرب في عيون الأفارقة الأمريكيين باتهامهم بالاتجار بالعبيد في إفريقيا.

وقد رأت هذه المصادر أن تدخل الإيباك في انتخابات ألباما وهي واحدة من أفقر الولايات الأمريكية سعيا لإسقاط إريل هيلليارد بسبب مساندته للقضايا المسلمة والعربية ولبعض الدول العربية الإفريقية هي أمر فاق الحد، وربما يؤدي إلى زيادة تقارب المسلمين والعرب الأمريكيين من الأفارقة الأمريكيين في المستقبل المنظور.

وأخيرا وهو ما أحب التأكيد عليه هو أن معركة إريل هيلليارد للدفاع عن مواقفه المساندة للمسلمين والعرب لم تنتهي بعد، وفي الحقيقة أنها بدأت، كما بدأت أيضا مساعي المسلمين والعرب الأمريكيين الحثيثة لترك بصماتهم على انتخابات نوفمبر 2002 التشريعية.

ولو نجحوا في مساعيهم هذه لكان ذلك انتصارا كبيرا للمسلمين والعرب وقضاياهم وخطوة هامة على سبيل تقديم مصالحهم في الدوائر السياسية الأمريكية في وقت هم في أمس الحاجة إلى انتصار من هذا النوع.

ولا يسعنا في النهاية إلا الإشادة بالجهود الجبارة والخلاقة التي تبذلها المنظمات المسلمة والعربية الأمريكية في هذا المجال رغم مواردها المحدودة، والتي تعد مساندتها واجبا على كل مسلم وعربي حريص على إعلاء مصالح المسلمين والعرب في الولايات المتحدة.

= = = = = =
لمزيد من المعلومات عن استعدادات اللوبيين المسلم والعربي لإنتخابات عام 2002 التشريعية يمكنكم الاتصال ب:

أ. علاء بيومي : alaabayoumi@yahoo.com
لمزيد من المعلومات عن النائب إريل هلليارد ومواقفه المساندة لقضايا المسلمين والعرب، يمكنكم زيارة الموقع التالي : www.alriyadh.com.sa
الأستاذ علي حتر مع التحيات