شغلتنى ظروف المتابعات الدورية لأحوال وظروف هذا المرض ( اللعين-الخبيث ) الذى غزا هذا الجسد منذ فترة والذى يقتضى هذه المتابعات التى لا بد منها ..شغلتني هذه الظروف عن هواية العمر التى اصبحت ادمانا لا فكاك منه ..وهى هواية القراءة والكتابة التى
امسكت بتلاليبنا منذ كان عود الزمان اخضرا وحتى هذه السنين من العمر الزاحفة الى فصل الخريف الذى يكثر فيه تساقط شعيرات الرأس وتحتل فيه التجاعيد مكانا لها فى ملامح الصورة الأنسانية ...ولا يبق الأ هذا القلب الذى يحاول ..ويحاول رغم كل ما يتعرض له من هجومات الأعداء العديدين من امثال الشرايين المريضة ..والصمامات التى قد اصبحت عرضة للتلف او التوقف عن اداء وظيفتها ..او بعض الهجومات المفاجئة من قبل جحافل الكلوسترول .... وهى اشياء لا بد وان يعانى منها كل من قبل على نفسه ممارسة
هذه الهواية وكان صديقا لها لا تفارقه ولا يفارقها ..يتفاعلان معا ..يتجادلان بلا توقف حول ما تطرحه ايام الحياة من امور السلب والأيجاب ...يطرح اسئلته العديدة عنها ويحاول ان يستخلص من حروف وسطور قرائته او كتابته بعض جواب يشفى الغليل ..لكن الأسئلة بالنسبة للقارئ والكاتب لا تنتهى ابدا .. ويظل صراع البحث عن الجواب كموجات البحر الباحثة عن شاطئ ترسو عليه ..تتجدد
موجة بعد موجه ...ولعل السؤال الذى ظل يشغلنى سنوات طوال ولعله سيبقى زمنا طويلا مطروحا بذات الصيغة والحروف ورغم
محاولات البعض من المفكرين والمثقفين العرب الأجابة عليه تلك الأجابة التى ظلت ناقصة لا تشفى غليلا ...ذلك السؤال الذى هو ..
لماذا تخلفنا .؟؟!! .. فما اكثرها تلك المرات التى فرض هذا السؤال نفسه على العقل العربي والأ نسان العربي .. فالحال الذى وصلت اليه امتنا العربية ..حال التدهور والتراجع الحضاري هو حال محزن ...ومع كل حدث من احداث هذا التدهور والسقوط يبرز ويرتفع هذا التساؤل ..لماذا ؟؟ ومهما بحثنا عن سبب فلن نجد الأ ( تخلفنا ) بكل اشكاله وانواعه سببا ونتيجة لهما ..ولعلنا في استعراضنا لبعض الصوروالأحداث التى التقتطها العين او الأذن خلال فترة قصيرة من الزمن العربي تعطينا بعضا من ملامح اسباب هذا التخلف ..
1- جلد المثقف ...؟
لو تخيلنا ان بعثة اعلامية او صحفية اجنبية كانت تقوم بمهمة في مملكة الهبش والنبش ..مملكة آل سعود تغطية لأحداث او اخبار تجري داخل هذه المملكة وما اكثرها هذه الأيام ووقعت اعين اعضاؤها على تجمع لبشر في احدى الساحات العامة ..كانت اعناق ورؤوس الكثيرين منهم كل يحاول ان يجد له طاقة رؤية لما هم في انتظاره ..وهو ما زاد في فضول اعضاء البعثة الأعلامية تلك لمعرفة
ما وراء هذا الحشد ...ولما تجمعهم هذا وفي منتصف نهار ذلك اليوم ..فجائهم الجواب الذى ذاد من دهشتهم واستغرابهم من احد الوقوف ..انها ساحة العقاب ..انه يوم الحساب .. انها المكان الذى يتم فيه تنفيذ الأحكام التى اصدرتها ( المحكمة الشرعية ) بحق من ادينوا من قبلها نتيجة ارتكابهم (جرم ) ما ...فقد تكون الجريمة ..جريمة قتل ..او سرقة ..او زنا ..او..او .. ألخ فتكون العقوبة بقطع الرأس ..او احد الأطراف ..او الرمي بالحصى والحجارة حتى الموت ..او الجلد بالسوط عددا من الجلدات التى تقررها المحكمة .. وفي العادة يتم هذا العقاب في يوم الأجازة الأسبوعية حتى يتمكن اكبر عدد من الناس من الحضور والمشاهدة ... واليوم ايها السادة وبعد ان يتم قطع رأس قاتل .. وقطع يد سارق .وقذف مرتكب الزنا .. سيتم جلد واحد برفاسور ( هكذا لفظها المتحدث ) يعنى استاذ في الجامعة .. وهنا فغر اغلب اعضاء البعثة الأفواه ورددوا بصوت واحد .. استاذ بروفيسور .. ولماذا .. وما هى نوعية الجريمة التى قد يكون ارتكبها هذا الأستاذ حتى يتم الحكم عليه بالجلد .. وليس بقطع الرأس او اليد او الرمى بالحصى ..لأنة ليس بقاتل وليس بسارق
ولا هو بالزانى كما يبدو من درجة الحكم .. وهنا تطوع المتحدث بالرد السريع والذى جعل حامل الكاميرا يركز عدسته على ما سيقوله الرجل متوقعا ان يسمع بنوع جديد من انواع الجرائم لم يسمع به من قبل .. واكمل المتحدث ..انه طويل اللسان .. ويبدو ان لسانه هذا قد اذداد طولا من كثرة ما تبحر في علم يقال له علم اللسانيات .. فكتب مقالا انتقد فيه فكر وثقافة شخص اخر قيل انه ايضا استاذ جامعى مخالف لفكر ابو اللسانيات فما كان من هذا الأستاذ المنقود الأ ان رفع دعوى مطالبا بمحاكمة ابو اللسان ..(شرعا ) فما كان من هذه المحكمة الأ ان تحكم عليه بالجلد ..والذى تبين فيما بعد انه قرار خاطئ ..وكاد الحكم ان ينفذ في ابو لسان لولا الأمير حاكم البلاد رعاه الله وحماه اصدر امرا ساميا بألغاء الحكم والذي لولاه ولولا قراره لشاهد العالم وعبر تلفزيوناته وكل شاشاته ( جلد ) البرافاسور
الجامعي المثقف في وسط ساحة العقاب والحساب ...وهنا نسأل ما ذا تتوقعون ايها القراء رد فعل الرأى العام العالمى ..؟؟على مثل
هذا الحدث لو تم وهذه الصورة لو نشرت ..أى صفة حضارية يمكن ان تلصق بنا في هذا القرن الجديد الذى ينادى به قرنا لحرية الأنسان
وتقدمه وخروجا من عصور التخلف ..؟؟!
2- قمة التخلف ..؟؟
كم هي موجات الحزن والآسى التى اجتاحت دواخلى ..وكم هو كم الأسئلة التى انتصبت امام ناظرى وفي الأعماق وانا اتابع
مهزلة مهرجان السيرك العربي الذى عقد في الجزائر العربية ...كان الحزن منبعه هذا التهريج الذى حول بلد ومدينة المليون شهيد
الى سيرك اسود الألوان لا يحمل المهرجون فيه الأ ملامح السخرية السوداء منهم ومنما يهرجون به ...وكان ابسط الأسئلة تتسائل
ماذا ستقول ارواح الشهداء المليون عن ما يدور فوق الأرض التى دفعوا من اجل حريتها وكرامتها اغلى ما لدى الأنسان ..روحه ..
تتسائل ارواح الشهداء بمرارة ..كيف يسمح من نصبوا انفسهم او نصبتهم الظروف قادة لهذه الأرض وهذا الوطن ان يحولوها الى
مسرح عبثى ..يمارس عليه بعض المهرجين مهاراتهم في الأبتذال والقاء الصفات الممجوجة على شعوب الله خلق الله ..شعوبهم التى
يدرك العالم ومنذ فجر التاريخ انهم ليسوا بالأغبياء ..وليس ما تعانى من هذه الأمة الأ نتيجة لحكمها بالحديد والنار والأرهاب من قبلهم
ومن قبل عصاباتهم من المباحث والمخابرات التى تحسب على البشر انفاسهم وحركاتهم وحتى حروف كلماتهم .. ولست ادري لماذا
جال في خاطري تسائل ادرك الأجابة عليه دون عناء .. هل كان من الممكن لهذا الرئيس البهلول ان يمارس تهريجه وعبثه في حق هذه الأمة لو كان الزعيم الخالد جمال عبد الناصر حيا حاضرا .. والجواب عندي لا والف لا .. ولكنه ليس بمستغرب في عصر القادة الطراطير الذين ارتضوا على انفسهم ما ارتضوا من انصات لهذا المهرج البهلول وهو ( يبتذل ) محاضرته عليهم الأ يقف احدهم ليقول له عيب يا افندى ..؟ ان مثل هذا المهرجان التهريجى العربي الذى حولته جامعة عمرو موسى الى مهرجان دوري تهان فيه الكرامة العربية ويتم من اجله بعزقة ملايين الدولارات في الأعداد له والذى لم تعد منه فائدة ترجى لهذه الأمة يجب ان يتوقف ,,وحتى لا نظل
ويظل العالم معنا يشاهد صور من تخلفنا ...الذى سببه مثل هؤلاء ...الطراطير المهرجين ...
3- ( بسطات ) الثورة في سوق القاهرة ..؟؟!
في بلداتنا العربية هناك عادة يمارسها ابناء شعبنا البسطاء منمن يرغبون في تسويق منتجاتهم داخل الأسواق الشعبية والتى لم تستطع
محلات السوبرماركتات الحديثة ان تنال منها ومن استمراريتها ..وهي عادة استعمال هؤلاء التجار لما يعرف بالبسطه وهي عبارة عن
بعض الألواح الخشبية التى تستند اما الى بعض قوالب الطوب او بعض القطع الخشبية ... وترص هذه البسطات كل بسطه الى جانب
اختها ... وقد يتم تخصيص البسطة الواحدة لنوع واحد من المنتج المراد تسويقه ..وقد تحتوى البسطه على اكثر من نوع ... وفي العادة يقف خلف كل بسطة صاحب البسطه او من ينوب عنه .. ومع بدء كل دورة من دورات السوق تتكفل مهارات وكفاءة وقوة صاحب البسطة او من ينوب عنه في تسويق البضاعة وترويجها حتى ولو كانت قديمة شويه او بدت كبضاعة (مضروبه ) ..وتكون الطامة كبيرة علي صاحب البسطة التي يكتشف فيها رواد السوق من ابناء الشعب بوعيهم فساد هذه البضاعة وعدم صلاحيتها فيبتعدون عنها ولا يقربونها ولا يكون من المستبعد ان يعيد البعض ما اشتروه منها ...وعند ذلك (قد) يدرك صاحب هذه البسطة او تلك انه لا يصح الأ الصحيح ..ولا ينفع في سوق الشعب الأ (البضاعة) الحق والحقيقة ..؟؟
4 - كلمات ..وحروف ..؟
بعض اصوات النعيق والنهيق من ابواق اصحاب الدعوات الأقليمية والطائفية والأحتلالية التى ترتفع اصواتها هذه الأيام عبر ومن خلال بعض الأبواق التى تمولها مواخير المباحث والمخابرات هنا وهناك تهاجم العرب والعروبة .. نقول لهم لكم بعض يوم ولنا التاريخ الذى مضى والذى سيكون لو تقرأون ... فكفى نهيقا ونعيفا ...
يعقوب القوره
كاتب وشاعر عربي فلسطيني كندى