انطلاقة الأربعين .. انطلاقة الدولة
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

أربعون عاماً وتستمر الفتح في فتحاويتها .. ويتجدد العطاء بروح مؤمنة بحتمية الانتصار وجاهزية عالية للتضحية والفداء ولتشكل فتح محوراً هاماً في الحياة السياسية الفلسطينية..

أربعون عاماً والعام الأربعين يأتي دون الزعيم المؤسس الخالد ياسر عرفات .. أربعون عاماً ونفتقد هذا العام رمز الكفاح الفلسطيني.. نفتقد هذا العملاق الذي ترك لنا الكوفية عنوان الفتح المنتصرة.. ترك لنا تاريخ امتد عبر الأجيال لتكون انطلاقة الفتح انطلاقة راسخة قوية وليكون عام 2005 هو عام الانتصار الفتحاوي.. عام الشعب الفلسطيني .. عام الدولة الفلسطينية.. ولتستمر مسيرة هذا الشعب العظيم في رحلة نضالية وكفاحية استمرت عبر شلال متدفق من العطاء لترتفع رايات النصر خفاقة عالية في السماء.. فمن نصر إلى نصر .. ومن فكرة إلى فكرة .. ومن موقف إلى موقف .. تنقلت الفتح التي صنعت أعظم ثورة في التاريخ المعاصر.. تنقلت لتنطلق من الخيمة ومن رحم معاناة الشعب الفلسطيني ، ولتحمل البندقية , لتكون أسطورة النضال لتقدم الشهداء والشهداء ولتعزز مواقع الانتصار في رحلة هامة أهم ما يميزها تلك الكوفية السمراء التي احتضنت الفتحاوي الأول ياسر عرفات وكانت رمز للنضال الفلسطيني..

فهذا النضال والكفاح والانتصار هذا العطاء والبطولة التي تستمر اليوم بنفس قوي مؤمن بالرسالة الخالدة التي رسمتها فتح هو دليل هام في حياتنا الكفاحية ورسالتنا الخالدة.. رسالة أبناء فتح في مخيم البارد والبداوي وفي موسكو ولوس أنجلوس وفي الدهيشة والشاطئ وفي كل بقاع الأرض , يحمل الفتحاوي رسالته الهادفة والمتمثلة في حماية إنجازات الشعب الفلسطيني وثورتنا العملاقة.. يحمل ابن الفتح أعظم رسالة في التاريخ ليؤكد أنه في خندق المواجهة.. خندق الإيمان بحتمية الانتصار ، وليستمر في أداء رسالته الخالدة وأداء المهام الملقاة على عاتقه بعد استشهاد الأخ القائد والمعلم الرمز أبو عمار..

أربعون عاماً مضت على ثورة الفتح وانطلاقتها الأولى فعندما عبر رجال الفتح النفق في عيلبون كانوا متجهين إلى فلسطين وكانوا مدركين أن بنادقهم هي صوب الوطن.. وباتجاه واحد وهم سائرون على طريق العودة والتحرير.. لقد آمنوا بالرسالة واستمرت رسالة الفتح.. وليس بالغريب أن تستمر رسالة الفتح أربعين عاماً فهي رسالة خالدة وجدت لتنتصر وتستمر.. وجدت لتبقى وتتواصل عبر الأجيال..

انطلقت الفتح من رحم معاناة شعبنا ومن إصرار هذا الشعب على نيل حقوقه وتقرير مصيره واليوم الفتح تنهض من جديد في رسالة هادفة وهي تأسيس الدولة وحماية مؤسسات شعبنا وسيادة القانون وتحقيق العدالة والتنمية والاستقرار في ظل عودة فلسطينية سياسية هادفة إلى تعميق روح التفاهم الدولي وتعزيز العلاقات الدولية على طريق حماية إنجازات الثورة الفلسطينية ووصولاً إلى ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين واستمرار مواجهة الاحتلال الإسرائيلي المتغطرس الذي يرفض تحقيق السلام ويقتحم المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية في ظل عنجهية احتلالية فاقت تصورات العقل البشري..

إن رسالة الفتح.. فتح الثورة والعطاء والوفاء للشهداء .. هي رسالة عظيمة هادفة خالدة استمرت في قوة وعنفوان.. فالفتح تنهض اليوم وتستمر في رسالتها في كل بيت فلسطيني.. تنهض هذه الحركة في رسالتها من كل شارع .. وتمضي في اتجاه واحد ورسالة هامة يدركها جميع الفتحاويين بكل أماكن تواجدهم وهي حماية شعبنا والحفاظ على إنجازات ثورتنا والدفاع عن حقوقنا وتعزيز وحدة التلاحم بين أبناء هذا الشعب العظيم الذي يرفض الركوع والذل وليستمر في رسالة المؤسس الزعيم الخالد ياسر عرفات.

أربعون عاماً من العطاء الفتحاوي , يعني سجل طويل من الشهداء من الشهيد عبد الفتاح حمود إلى الشهيد ياسر عرفات والقافلة طويلة استمرت بعمر هذا الجيل لتقدم الفتح أربعة عشر شهيداً من أعضاء لجنتها المركزية وعلى رأسهم الزعيم الخالد ياسر عرفات فهذا بحد ذاته يؤكد للجميع قوة رسالة الفتح ويعزز مكانتها وهدفها وقوة رسالتها المعبرة عن أماني وتطلعات شعبنا والتي تعزز روح البطولة والفداء بين جميع فئات الشعب المناضل الذي يتطلع اليوم إلى قيام دولته الفلسطينية..

إن انتصار القرار الفتحاوي ووصول سفينة الفتح إلى الهدف وإرسائها إلى بر الأمان ، كان بفعل قيادة مؤمنة برسالتها ومؤمنة بأهدافها ومستعدة للتضحية واليوم سفينة الفتح تستمر بقوة رجالها وبكادرها وأعضائها وأبنائها وجماهيرها التي تؤمن بأن الفتح وجدت لتبقى وتنتصر ووجدت من أجل الدولة الفلسطينية..

إن فتح صاحبة مشروع الدولة الفلسطينية المستقلة وصاحبة هذا الخيار لقادرة اليوم على حماية الدولة ومواصلة العمل بكل السبل من أجل تعزيز الأمن وتوفير المناخ الوطني للاستمرار في الحوار الوطني الفلسطيني على أرضية قيام الدولة الفلسطينية وحماية المؤسسات الفلسطينية وضمان العدالة الاجتماعية وتوفير الأمن وسيادة القانون هي رسالة الفتح التي يؤمن بها شعبنا حتى تسعى وتعمل الفتح ومن خلال علاقة أصيلة واحترام حرية الممارسة الديمقراطية والتعبير عن الرأي وصياغة أسس العلاقة الواضحة مع الجماهير الفلسطينية على ضمان استمرار الرسالة الفتحاوية وصولاً إلى بناء المجتمع التقدمي الثوري وتوفير العدالة وسيادة القانون ..

إن رسالة الفتح بمحتواها الاجتماعي والوطني .. هي رسالة ثورية كانت وستبقى , حيث لم تكن الفتح مجرد تنظيم عابر بل كانت الفتح رسالة خالدة امتدت عبر الأجيال .. من جيل إلى جيل .. ومن فكرة إلى فكرة .. ومن نصر إلى نصر.. لتكون الفتح نور لمن اهتدى ولتعبر وبصدق عن مشاعر العمل الوطني وأهداف وتطلعات هذا الشعب العظيم شعب الشهداء والجرحى.. شعب الوحدة والحرية.. شعب المعجزات.. هذا الشعب البطل الذي صنع ملحمة نهر البارد والبداوي.. صنع ملحمة الفارس.. فارس الانتصار الفلسطيني الشهيد فارس عودة.. هذا الفارس الذي اعتبره الرمز الخالد الشهيد ياسر عرفات رمزاً للاستمرار والتواصل الكفاحي الفلسطيني..

إنها رحلة طويلة من العطاء لا يمكن لي أن أوفي الفتح ومؤسسها الرمز ياسر عرفات وشهدائها الأبطال عبر كتابة هذا المقال ولكن وكما عودتني الفتح أن أخط إليها مشاعري في ذكرى انطلاقتها فكم استرسلت في أفكاري لأكون متواصلاً ما بين غزة والمقاطعة حيث مزار الزعيم الخالد لأسجل هنا عهد الوفاء والوفاء, عهد الرجولة والرجولة, عهد الثورة والثوار بأن نستمر على درب أبا عمار نستمر حتى تحرير فلسطين..

ففي أربعين فتح لك منا أربعين تحية.. لك منا أربعين وردة وأربعين رصاصة أيضاً لك منا العهد كل العهد والقسم كل القسم بأن تبقى رسالة الفتح حتى النصر وأن تستمر على دربك وبقراراتك وبصوتك وبإحساسك وروحك نكمل المشوار ومعاً وسوياً حتى القدس .. معاً وسوياً من أجل فلسطين .. وسيبقى أبناؤك على العهد.. عهداً لك بأن تكون أول الفاتحين وأول من يدخل القدس ومن يفتحها.. عهد إخوانك الذين حملوا الراية.. حملوا راية الفتح بأن تستمر الفتح كما كانت وتبقى عنوان الانتصار.. عنوان البطولة والوفاء والفداء.. عنوان المرحلة القادمة.. عنوان العمل الجاد والرؤية الثاقبة.. عنوان الحرية والعدالة والدولة الفلسطينية المستقلة.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 31-12-2004