الشعب الفلسطيني : بين الصمت العربي والانحياز الأمريكي
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

مع تزايد المخاطر التي تهدد حياة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي دعت المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة في بيان حمل اسم ممثل أمينها العام ، دعت "إسرائيل" للالتزام باتفاقية جنيف وحماية الأسرى المضربين عن الطعام وإيجاد حلول لمطالبهم في وقت كشف النقاب عن معاناة 20% منهم من أمراض خطرة، فيما تبين أيضاً أن مديرية السجون العامة وأجهزة المخابرات الإسرائيلية يزودون الأسرى بأدوية منتهية الصلاحية، وقد دعت الهيئات الـ 13 التابعة للأمم المتحدة "إسرائيل" لإيجاد حل للأسرى الفلسطينيين والعرب المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية.

إن خوض الإضراب عن الطعام هو خطوة تاريخية لا يلجأ لها الأسرى بدون مبررات غاية في الإقناع، ولولا تردي أوضاعهم إلى هذا المستوى وعدم قدرتهم على تحملها.

أن الأجرام الإسرائيلي بات في أبشع صورة حيث أن القائمين على السجون الإسرائيلية سحبوا ملح الطعام والسوائل من داخل زنازين المعتقلين في محاولة لكسر أرادتهم.

لقد بات الموقف الدولي بشان الأسري لا يتطلب استنكارا بقدر ما يتطلب التدخل الفوري لفرض عقوبات علي "إسرائيل" لتجاهلها حقوق الإنسان وعدم احترامها لاتفاقيات جنيف الخاصة بالتعامل مع الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال .

لقد بات من المهم إن يكون هناك تحرك عربي على كل المستويات لانتزاع تدخل دولي يجبر "إسرائيل" على وقف ممارساتها الوحشية ضد الأسرى والتعامل معهم بما يتفق مع القوانين الدولية وحقوق الإنسان في إطار التضامن والتفاعل وأداء الواجب تجاه الأسرى الذين يدفعون حريتهم فداءً لحرية الوطن وكرامة الأمة، ودفاعاً عن الأرض والعرض والمقدسات.

إن إصرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في تعاملها مع الأسرى بشكل لا إنساني وغير أخلاقي، في ظل غياب القوانين والأعراف الدولية يعبر عن حالة الإرهاب التي تنسجم مع عقلية أبو غريب والقمع الأمريكي و أساليب معتقلات "غوانتنامو" وسجن "أبو غريب" في استخدام العنصرية والهمجية المفرطة بحق الأسرى والمعتقلين.

أن حكومة الاحتلال الشارونية موغلة في التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني، واستمرار عدوانها عليه بكل ما تملك من وسائل بطش وقتل وتدمير في ظل غطاء أمريكي وصمت دولي.

لقد بدأت الحكومة الإسرائيلية وبلسان وزير الأمن الداخلي تساحي هنغبي شن حربها الإرهابية قبل أن يبدا الأسرى خطوتهم الإستراتيجية، حين صرّح أن الأسرى بإمكانهم الإضراب عن الطعام حتى الموت، وهذا التصريح هو قمة الحرب الإجرامية والإرهاب الدولي الذي تمارسه "إسرائيل" رغم ما يحمل من عنصرية وعنجهية، ويدلل على أن ما يجري في المعتقلات ضد الأسرى هو سياسة رسمية مبرمجة ومن أعلى المستويات الإسرائيلية، وأن ما تقوم به مصلحة السجون ما هو إلاّ تنفيذ لهذه السياسة القمعية.

أن دعم ومساندة الولايات المتحدة الأمريكية لحكومة الاحتلال الإسرائيلية (بصفتها جزء من العالم الحر) الذي يبشّر بديمقراطية وحقوق إنسان على غرار ما يجري في العراق وأفغانستان من تنصيب حكومات رغماً عن أرادة شعوبها ، أو ما جرى ويجري في سجن أبو غريب وغوانتاناموا على أيدي القوات الأمريكية من فظائع يندى لها جبين الإنسانية باتت سمة أساسية تنفرد بها "إسرائيل" وتميز سياستها العنصرية تجاه الشعب الفلسطيني في ظل صمت عربي وعجز دولي لم يسبق له مثيل.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 13:52 28.08.04