قمة شرم الشيخ .. بين السلام الفلسطيني والاحتلال
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

قوات الاحتلال واصلت خلال الأسبوع الماضي اقتراف جرائم حربها في الأراضي الفلسطينية المحتلة ، غير ملتزمة بالتفاهمات الجارية بينها و بين الجانب الفلسطيني حول وقف إطلاق النار ، حيث قتلت في قطاع غزة ثلاثة مدنيين فلسطينيين ، فيما استشهد طفلٌ متأثّراً بجراحٍ سابقة .

و أفاد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان في تقريره الأسبوعيّ حول هذه الانتهاكات بأنّ حصيلة تلك الجرائم ، خلال هذا الأسبوع ، كانت استشهاد أربعة مدنيين فلسطينيين ، من بينهم طفل ، فيما أصيب آخران بجراح و أضاف التقرير الذي يغطّي الفترة من 3 إلى 9 شباط (فبراير) 2005 ، أنّ قوات الاحتلال واصلت توغّلها في العديد من المدن و البلدات الفلسطينية ، و تحديداً في الضفة الغربية ، فضلاً عن مواصلتها للقصف العشوائيّ للأحياء السكنية ، و استمرارها في أعمال البناء في جدار الفصل العنصري داخل أراضي الضفة الغربية ، إضافة إلى حالة الحصار المفروضة على كافة التجمّعات السكنية.

وفي ضوء هذا العدوان وهذة الغطرسة الإسرائيلية باتت التهدئة التي التزمت بها فصائل المقاومة الفلسطينية من طرفٍ واحد ، منذ ثلاثة أسابيع ، في خطرٍ كبير ، بعد إقدام قوات الاحتلال على قتل أحد الشبان في رفح جنوب قطاع غزة ، و استئناف المقاومة الفلسطينية ردّها على ذلك بقصف المستوطنات بعشرات القذائف الصاروخية .

وقد أكدت السلطة الوطنية الفلسطينية التزامها الكامل باتفاق التهدئة مع القوى و الفصائل الوطنية و الإسلاميّة ، و بتفاهمات قمة شرم الشيخ الرباعية ، التي عقدت الثلاثاء الماضي في مصر وفي هذا النطاق أصدر الرئيس محمود عباس تعليماته المشدّدة لقوى الأمن الفلسطينيّ لتحمّل مسؤولياتها كاملة في مواجهة أيّ خروجٍ على اتفاق التهدئة .

و بحسب نصّ القرار فإنّ الرئيس عباس أصدر "تعلمياتٍ مشدّدة لقوى الأمن لتحمّل مسؤوليتها كاملة ، في مواجهة أيّ خروجٍ على اتفاق التهدئة ، حرصاً على المصلحة الوطنية للشعب الفلسطيني ، و لحقن دماء أبناء شعبنا ، و عدم إعطاء أية ذرائع لـ (إسرائيل) لمواصلة عدوانها و حصارها لشعبنا و مناطقنا و مدننا و أهلنا" حسبما جاء في القرار .

وتاتي هذة التهدئة كفرصة أخيرة للعدو وقوات احتلاله لوقف عدوانه ، وان سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية أيّ انهيارٍ لهذه التهدئة .

وبالتأكيد ستكون الفصائل في حلٍّ عاجلٍ من التهدئة ، إذا لم يلتزم العدو بها و بشروطها و في حال استمر العدوان الصهيونيّ سيواجه بردّ فلسطيني , و أنّ الالتزام (الإسرائيليّ) في التهدئة سيكون هو المعيار للأذرع العسكرية الفلسطينية بشأن هذه التهدئة .

أن وقف أطلاق النار المتبادل ليس سوى تمهيد لدخول الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي عملية تفاوضية جادة حول القضايا الجوهرية وفي مقدمتها إنشاء دولة فلسطينية كاملة الاستقلال والسيادة.

وعلي حسب ما يبدو فان شارون يطمح إلي إن تكون نتائج قمة شرم الشيخ هي نتائج أمنية فقط ، بعيدا عن إطلاق عملية التهدئة ووقف دوامة العنف والعنف المضاد وتحقيق الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية واسترداد الحقوق الوطنية وفي مقدمتها إنشاء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وإن إسرائيل لا تعتبر التهدئة مرتبطة بأي جدول زمني وان الأمد الزمني لحالة «التهدئة» مفتوحا مما يعطي شارون مبرراً للمماطلة والاستفادة من الوقت لأجل غير مسمى وبالتالي غير ملزم بأي استحقاقات سياسية بل يعمل علي اعتبار القضية برمتها قضية أمنية بحتة وغير مرتبطة بأي وضع سياسي علي الإطلاق ,وضمن هذا الفهم بات هناك مسؤولية أساسية يتحملها المجتمع الدولي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية لإنجاح الجهود المبذولة لأحياء العملية السلمية، وهذا ما أكدته القيادة الفلسطينية ، انطلاقا من كون سياسات الحكومة الإسرائيلية، تشكل العقبة الأساسية في طريق السلام كما ثبت خلال السنوات الأربع الماضية، حيث ضربت حكومة شارون بعرض الحائط كل ما ترتب علي اتفاقية أوسلو، وتنصلت من التزاماتها، وأعادت الأمن إلي نقطة الصفر بإعادة احتلالها للأراضي واستمرار عدوانها بحق الشعب الفلسطيني .

أن هناك ظروفاً ايجابية ملائمة للعودة إلي طاولات المفاوضات، وتحقيق اختراق جدي باتجاه التوصل إلي اتفاق سلام، ولاشك ان صاحب الفضل في هذه الظروف، هو الجانب الفلسطيني، بما اتخذه خلال الفترة الماضية من مبادرات اتسمت بالمرونة والحكمة، شكلت إحراجا لحكومة شارون أمام المجتمع الدولي , لكن ذلك لن يحقق شيئا عملي بدون ضغوط دولية جدية، وخاصة من قبل الإدارة الأميركية علي حكومة شارون، لكي تستجيب لاستحقاقات العملية السلمية، والكف عن التلاعب مستفيدة من الدعم الاميركي لسياساتها.

أن عدم التحرك الجدي لتحريك عملية السلام وعدم منح الشعب الفلسطيني استحقاقات اتفاقيات السلام الموقعة بين الطرفين بالتأكيد سيعيد المنطقة ألي مربع الصفر في المحصلة النهائية .

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 14.02.2005