وحدة الموقف في مواجهة الاحتلال
بقلم : سـري القـدوة *

سـري القـدوة

تتجسد رؤية القيادة الفلسطينية في تحقيق أماني وتطلعات شعبنا الفلسطيني في صياغة وجودنا والكينونة الفلسطينية تأصيلاً لروح الكفاح الوطني ومجمل إنجازات ثورتنا.. أعظم ثورة في التاريخ المعاصر لتحقق رؤية واقعية هدفها بناء الأجيال والحفاظ على الإنسان الفلسطيني صامداً مرابطاً في ربوع أرضه أرض الحضارة والتاريخ ومهد السلام..

لقد كانت رؤية القيادة الفلسطينية رؤية تاريخية ثاقبة من خلال حرصه الشديد على مواصلة أعمال الحكومة الفلسطينية وتفعيل المؤسسات وإعادة بناء الدبلوماسية الفلسطينية وحضورها ومشاركتها في صياغة الواقع الفلسطيني بكل تناقضا ته ليرسم معالم الوطن وتكتمل الصورة النضالية ولتشهد فلسطين ميلادا متجددا عبر مرحلة هامة في تاريخ شعبنا تأتي في ظل تشابك الواقع السياسي واستمرار الرفض الإسرائيلي لتحقيق عملية السلام وفرض أملاءات إسرائيلية هدفها خلق قيادات بديلة عن القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني قيادة منظمة التحرير الفلسطينية.. لقد تجلت الرؤية للقيادة الفلسطينية في تحقيق التواصل وملئ الفراغ السياسي وحرصت القيادة على استمرار عمل الحكومة وتحديد برنامجها السياسي والإعلان عن الانتخابات السياسية الشاملة للمجالس البلدية والتشريعية تحقيقاً لوحدة الصف الوطني وحفاظاً على المشاركة الجماهيرية الفاعلة في صنع القرار وهذا بالتأكيد يدلل على مدى أهمية العمل الوطني في خلق حالة التفاعل ما بين القيادة الفلسطينية وجماهير شعبنا ومشاركة أوسع لكل التنظيمات والقوى الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية في تفعيل البرنامج السياسي للحكومة على طريق العمل الجاد من اجل تحقيق أماني وتطلعات شعبنا..

إن برنامج الحكومة الفلسطينية هو برنامج سلام حقيقي قائم على احترام المعاهدات الدولية ويعتبر فرصة حقيقية لتحقيق السلام ومواصلة المفاوضات والمشاركة بفعالية لضمان نجاح تطبيق خارطة الطريق تحت رعاية دولية.. وهذا يعكس أهمية العمل على صعيد جدولة المهام التفاوضية وترتيبها لتأخذ بدورها الوضع الطبيعي ضمن مسار فلسطيني يكفل حماية إنجازات شعبنا والدفاع عن حقوقنا الوطنية في ظل مرحلة هامة من حياتنا السياسية.

إن المرحلة الراهنة تتطلب من جميع القوى السياسية على الساحة الفلسطينية أن تقف صفاً واحداً لدعم القيادة الفلسطينية والحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني والتأكيد على الالتزام بقراراتها وفقاً للمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني بعيداً عن البرامج الذاتية وتفعيلاً للصوت الوطني القادر على تحقيق أهداف شعبنا واحتراماً لتوجهات الحكومة الفلسطينية في تسيير مرحلة هامة من مراحل العمل الفلسطيني في غاية الصعوبة والدقة..

إن دعم الحكومة الفلسطينية في هذه المرحلة هو واجب وطني ويتطلب من الجميع المساهمة في مواصلة الحوار والدفع بالعملية السياسية إلى بر الأمان .

لقد عبرت فصائل المقاومة الفلسطينية عن حرصها لتعميق مفهوم الوحدة الوطنية فقد كانت توجهات كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح والفصائل الفلسطينية المشاركة في الحوار الخاص بتوحيد الجهود الفلسطينية من اجل التوصل لرؤية شاملة حول مشروع الانسحاب الاسرائيلي من غزة وإعلان الهدنة والتي واكبت هذا المشروع بحرصهم على الاستمرار بالحوار الوطني تعبيراً واضحاً لمدى تفهمهم العميق وحرصهم على وحدة الشعب الفلسطيني ودعمهم المطلق للقيادة الفلسطينية فهذا الحرص نرصده بكل احترام ونثمن عالياً هذا الموقف الوطني الشجاع الذي يعبر عن قدرة الشعب الفلسطيني على الإنطلاق لتحديد رؤية واقعية لتعزيز العمل الوطني وحماية مسيرة الكفاح الفلسطيني تخليداً لنضالنا وتأصيلاً لممارساتنا الوطنية الواعية عبر مسيرة النضال التي عمدت بدماء الشهداء والمواقف الشجاعة القادرة على تلمس حاجاتنا إلى الوحدة الوطنية التي هي أساس النهج الثوري والكفاحي الفلسطيني.. إن حرص فصائل المقاومة الفلسطينية على ترسيخ الوحدة الوطنية والقفز عن المهاترات والخلافات والتشنجات يأتي في ظل المواقف الصلبة والراسخة والمبدئية التي أكدها الرئيس محمود عباس من خلال توجهه الوطني وحرصه على تجسيد وحدة الشعب الفلسطيني وتعميق روح المحبة والوحدة والتكاتف بين أبناء الشعب الواحد لمواجهة سياسات الغطرسة والهيمنة الإسرائيلية.. فقد عبرت القيادة الفلسطينية على حرصها العميق وإدراكها لأهمية وحدة الموقف الفلسطيني من أجل توجيه الجهد الوطني لبناء الوطن وإقامة مؤسسات الدولة الفلسطينية القادرة على الإستمرار والديمومة والتواصل في ظل هذا العمل الوطني الميداني الذي يتجسد يومياً بأروع صور التلاحم.. فهذا الشعب بجميع فئاته وشرائحه وتوجهاته هو اليوم شعب منظمة التحرير الفلسطينية شعب الدولة الفلسطينية يقف في خندق البناء والاعمار والتنمية لفلسطين الدولة التي هي بحاجة ماسة لرعايتها واحتضانها بدفء ..

إن الحرية تعني أن نكون جميعاً يدا واحدة.. وأن نعمـل جميعاً من أجل فلسطين.. من أجل هذا الإنجاز الوطني الذي عمد بدماء الشهداء والذي جاء نتيجة التضحيات الجسام من خلال عطاء جماهير شعب فلسطين وخوضهم للنضال بكل ثقة وإيمان مطلق بحتمية الإنتصار.. فالمجد لهذا الشعب الذي يصنع حلمه.. الذي يصنع دولته الفلسطينية المستقلة.. المجد لهذا الشعب الذي يجسد وحدته وحدة الدولة والموقف وحدة التاريخ والدم من أجـل فلسطين حرة عربية مستقلة.

* سري القدوة : المحرر المسؤول رئيس تحرير جريدة الصباح - فلسطين
ALSBAH.NET
تاريخ النشر : 12.02.2005