بأي ركن من ضلوعي تسهر ؟
شـعر : سـليـمان نــزال
أنا مُخَدَّر...
خطواتي مُخَدَرة
زمني مُخدرْ..
و قبيلةُ التفريطِ تبيع دمي
بمزادِ الذئبِ
بحفنةِ سُكَّرْ !
فتدبر الأمرَ يا جرحي
ولا ترتشف الهوان
بطعمٍ أصفرْ..
أنا مُخدر..
شِعري الذي أكتبهُ
في واحةِ كفي
يقولُ نصفَ الصحو
فهل يتعثر ؟
***
مُخدر صوتي يا سيدي
يخسرُ تسعينَ قمراً
و قطراً من لؤلؤ التكوين, يخسرْ
و ألفَ نافذةٍ للشروقِ
و مساحةً للصدى الفدائي
و قافلتين من الضياءِ الأخضرْ...
ليفوزَ بحضنٍ قاحلٍ..
بلا أهلٍ و ذكريات
و ساحل إبتسامات و زعترْ..
فقلْ لي كيف أبررُ هذا التراخي
و هذه الهزائم كيف تبرر ؟
جسدي خارطة بلا طريق..
و جراحي نكبات تُكررْ
و قلْ لي ما الذي يؤثر فيك
يا غضبي الكبير
كي تظلَّ تكبر و تكبرْ
لتغدو سيفاً بقبضةِ باسلٍ
و حصاناً يسبقُ عاصفةَ الهوانِ و يثأرْ..
و قلْ لي ما الذي يعسكر فيك
يا نبضي الشريد
لتصبحَ في المنفى منفى
و ساعةَ جدار..بعقاربَ نازفة
تسكبُ الشوقَ على بيدرْ..
و تروح تجرح المعنى البعيد
بدقاتها..
كي ترى دمكَ قريباً, قريبا
لأمنياتها..
من وطنٍ فيه النجوم
الآن يا سيدي المكلوم تُنحرْ...
بخناجرٍ تصقلها نارُ خرافات
بأكاذيب عولمة و طغاة
بغزوة علَّقتْ وجهَ الربيعِ على خنجرْ..
فتقدمت من البهاءِ الرفيعِ أنيابٌ
و أستقوى الخنوعُ على الشموخِ
فصارَ عليه - يا أخوتي- يتكبرْ..
و إنْ ذهبَ للنهرِ برؤاه
ليسألَ عن صقورِ رباه
جردوه من الرشقاتِ
و صنعوا لأمانيه باباً
أغلقوه بالغبار و الشمع الأحمرْ !
***
أنا مُخدر..
إذا حسبتُ الحرفَ بلا سيفٍ, سفينة
و جعلتُ الإستعارةَ رباناً.. و يداً أمينة
و ابحرتُ في شتاتي سنيناً و سنينا
كيف تبقى جذوري و أنا مُبْحِرْ ؟
أنا مُخَدَّر..
إن حسبتُ الوهمَ حضناً
فرميتُ فيه أيامي
أنا مخدر
إن حسبت السرابَ غصناً
و فاكهة لأحلامي..
أن مخدر -يا صاحبي-
لو صار عشق الأنذال علينا مُقَدَّرْ..
انا مخدر
إن ظلّ دمي بلا شموس تراقصهُ
بلا موعدٍ و نراجس تجالسهُ
حتى الفجر الأنيس
لتسألهُ صبيةٌ تطلُّ من شرفةِ العنبرْ :
يا حبيبي العائد
أين تمضي ليلة الرجوع ؟...
و بأي ركنٍ من ضلوعي تسهرْ ؟
على أي ضلعٍ من ضلوعي
تنقش سيرة الخالدين
و تقول يا فلسطين :
تحررت العزائمُ و التراب..
تحررت المياهُ و السحاب
حتى الدمع الذي في العيونِ
فرحاً , تَحَرَّرْ
فتحررْ..تحررْ.
سليمان نزال
تاريخ النشر : 00:04 25.07.04