"أبانا" الذي في البيت الأبيض
شـعر : سـليـمان نــزال

سـليمان نـزال

و إنتهينا إلى هذا السواد
تسقطُ بغداد أمام قلوبنا الجريحة..
فنُظهر نخوتنا الرملية و نتفانى
و نحنُ نقدمُ لها طوقَ المهانة..
و من عوسج خيباتنا صنعناه
كي يفرحَ "أبونا"...
الذي في البيتِ الأبيض
و الذي في السماء يفتشُ الزمانَ
عن رماح.. و متاحف..و مزاعم جديدة
ضد أدونيس و زنوبيا..
"ابانا" الذي بعد قطف عنق المكان
يهددُ بأن يقصف الزمانا!
كأن الذي فينا بأرض ِ الرباط
في فلسطين ما كفانا..
كفانا..كفانا.. كفانا

*****
أبانا الذي تدمر أحلامنا
في اليوم أربع و عشرين ساعة
و كثيراً عن هذا يزيدْ..
ماذا قدمتَ لقتلى حقدكَ المنضَّب
من هدايا لطفلِ بغداد الرشيدْ
هل كان الخبزُ عنقودياً
مع كلِّ كسرة, قنبلة و عنقود؟

*****
و إنتهينا إلى هذا المسرح
تكثر ضحايانا و نشرح..
كلُّ شيء واضح كمذبحة
لكنا نرومُ الأفدح !
فقد تتحرك ضمائرنا
فنعلق ما طابَ لنا من أصوات..
نعلقها على الأسطح..
و نفتحُ قناةً للتصريحات..
كل ما يريده لنا الأعداء نفتح..
و نريطُ قناةَ الخنوع..بقناةِ الهوان
ليغدو الخزي أوضح..
فنلتقط الأثيرَ
مثل رماح ٍ في صدورنا..
فغزاة "التحرير" تسمح!

*****
هل إنتهينا إلى طرد ِالرجولة
من أزقة أحلامنا و من سجلاتِ قلوبنا؟
و تراكضنا نفصلُ لخريطة التمزقِ..
من رقاع عيوبنا , من صرخاتِ شعوبنا
عباءةَ مسكنة و إنقراض
نرتديها دونما إعتراض..
بل نتباهى بها و نفرح..
هل تخلصنا من الإنسانِ
الذي كان فينا..ينادينا
كي نصرخَ ضد غزاة أراضينا
ضد الإحتلال نصدح..
و نحمي الدمَ الذي بأرض الرباط
على ضفافِ الرافدين..
على عتباتِ أمانينا
مع مشرق كل جرح
تراه هناك يُسفح..
في غزة و جنين يُسفح..
أنكونُ آثرنا السلامة
و نقشنا بمسلةِ الذلِ
فوق ظهورنا..
و شمَ التفريطِ بالتاريخ
لننجو من سيفِ الغزاة
حين نبدي العلامة!
هل فضّلَ المرتعبون منا
أن يكونوا مخلصبن للهوان..
حتى النشور و القيامة؟
فصاروا يقتلون الطريقَ
بخطواتٍ مدنسةٍ..
بكلماتٍ مغمسة بالخسة
ِ تمدحُ من لا يُمدح...

*****
و أمعنَ البعضُ المفككُ...المتأمرك
في نسج الغي و التضليل
و سكبَ أبحرا من الكذبِ الرخيص
ليلطخَ ثيابَ المرحلة بزبد ِ التحليل
ليمكثَ المغول المتطور" بأندلس العراق"
خمسين عاما من النهب...
حتى يكفر بهم الغضبُ و النخيل
و يخرج من بئر الغدر, سالما
يوسفُ الجميلُ..
فلا ينتظر حلولاً من الدخيل..
بل من ساعديه..من زمن فدائي
حين بفضاء النسور
مع الرشقاتِ , تأتي الحلول..

*****
و إنتهينا إلى هذا المسرح
نطردُ النبيلَ من أيامنا
كي لا يحرجنا فنثور..
فنرى الخنوع..يغتصب الزئير
و يسطو على حديقة رموزنا
في عز الظهيرة..
كي يوقفَ المسير
و يروح يرش أغلى العطور
على كلِّ منهزم ٍ و حقير..

*****
أيراد لنا أن نصيرَ
عبيداً.. لأرذل عبيد
فيجثو على قدميه المصير..
و تبكي بغداد الرشيد
فيزدهر الذلُ و تختالُ الخيانة..
و يطلبُ الخوفُ المزيد..
أنظمة و عروش و عواصم و إهانة
و حكومات تابعة و قرود..
و خلف قوافل الغزو و الجنود
تعوي حاشيةُ السلطان..
و كلُّ مرتزق قديم و جديد..

*****
و إنتهينا إلى هذا الرماد
آه يا جرح البلاد
و يا كل فلسطيني يشقّ
مأزرَ عذاباته و آلامه
ليغطي وريداً يُذبح
ورغم العسف و التشريد
يلفُّ كلَّ آفاقِ التحدي
حول زنديه..
و يرفع رايات الجموح على الأسطح..
و يلمح الإنتصار العزيز يدنو من الساحات
في مشيةِ عز ٍ و لا أوضح
و تصيرُ كلُّ دمعةٍ في الوطن
مثل فراشةٍ ألوانُ البهاء فيها
من شدةِ العشقِ, للحرية, تجرح..

سليمان نزال

تاريخ النشر : 03:36 08.09.04