نابلس تودع نجومها
بقلم : سليمان نزال
نرثي بحزن مشوب بالكبرياء, دمنا الفلسطيني الباسل في نابلس البطولة و التضحيات الغالية الجسيمة..نرثي كوكبة من الأفذاذ الميامين, من قادة و كوادر كتائب و تشكيلات العزائم المتوجة بكل أسباب و أمداء الفخر و الرفعة و البسالة, و نرى في كل قطرة من دمائهم الطاهرة, صرحاً صلباً من بين كل القلاع و الصروح و الأسس, التي تدعم ثوابتنا الوطنية الفلسطينية في الحرية و العودة و الإستقلال, و بناء الدولة الفلسطينية, موفورة الشروط السيادية , عاصمتها القدس الشريف ..
من مكابدات مجزرة صهيونية شارونية إلى عذابات و آلام مجزرة وحشية جديدة أو ما بعد جديدة أُخرى.., يتنقل الجرح الفلسطيني النازف, يصبر و يكابر, يدفع أفدح الأثمان من أجل إنتزاع النصر و الإنعتاق, من براثن و مخالب سفاح صهيوني لا يلتزم بالمواثيق و المعاهدات الدولية , يجد من يزوده بالمزيد من مخالب القتل و التصفية ضد المدنيين الفلسطينيين, و يركب فوق ظهر المجتمع الدولي, يستفز بمذابحه المتكررة ضد الشعب الفلسطيني الجماد و لا يحرك شعرة حياء في رأس النظام العربي الرسمي الذي فقد ماء وجهه, فراح يستجدي غزاة العراق و ومعذبي شعبه الأبي أن يقدموا له بعض القطرات من مياه الفرات و دجلة و النيل, فردوه, حتى لا يطمع بما هو أكثر .. و نصحوه أن يكرر مياه البحر المالحه.. و يغسل وجه إنهياراته.. و حين فعلَ أُصيبَ بالجفاف القيمي و الضميري و تركَ الفلسطيني يموت وحده شهيداً.. حتى يعيش نظامه إلى أجل معلوم من قبل مستبدي هذا الزمن الذئبي اليانكي الكاذب !
فلسطين تودع نجومها الابرار..نابلس البطلة تودع أغلى النجوم و الكواكب و الفرسان.. و ينادي جبل النار ..فكيف يستجيب للنداء من صارَ له الذل خليلا؟ كيف ينصفك من لا ينصف شعبه, كيف يحميك من لا يستطيع أن يستر عورة سلطته و عرشه ؟
لعلهم علموا أن أحد أبرز أسباب سقوط النظام في العراق, هو دعمه للإنتفاضة الفلسطينية المباركة و تقديمه المساعدات و الأموال لعوائل و أبناء الشهداء و الشهيدات..لهذا السبب..إستطالَ خوفهم و تمدد رعبهم , فأدركوا أن دعمهم للفلسطيني و دفاعهم عن حقوقه أصبح مجلبة للهلاك و فقدان نعمة التسلط على رقاب العباد ..
هذا هو شعار الخانعين و الأذناب و التوابع..و الدول التي من صغر حجمها و تأثيرها تستطيع أن تضعها على مغلف بريدي مثل الطابع !
هذا هو شعار الهارببين من مسؤلياتهم الوطنية و القومية و الإنسانية" السلطة قرينة القهر.فإن زال زالت و ذهبت معها إمتيازاتنا و مصالحنا و شهوة السلطان"
و لإسرائيل الإرهابية المجرمة أن تقتل ما تشاء من الفلسطينين..مستطيع أن نلصق بالفلسطينيين أي تهمة باطلة, حتى يكمل الجزار شارون مهمته الدمويه و ينظف إحشاء التمرد و العصيان من بذور الثورة و الإنتفاضة في نابلس و جنين و الخليل و رام الله و غزة و رفح.. و كل فلسطين -خسئوا- في هذا المنطوق الرملي العاثر ..
لأن الشموخ فوق جبل النار و الفداء الأسطوري الفلسطيني ناصع, يحافظ على ألق التحدي و عنفوان الصمود حتى دحر الصهاينة من كل شبر في أرضنا المحتلة. حتى إقتلاع كل المستوطنات البغيضة و المستوطنين و الجنود القتلة من كامل مساحة الضفة و القطاع.. و لأن شعبنا الفلسطيني المرابط الرازح تحت شتى صنوف المعاناة و على كافة الأصعدة, يزف إلى المجد و السؤدد..قوافل الجرأة و البذل السخي البهي, يئن و يتألم, دون أن يتخلى عن ثوابته الوطنية و آماله و تطلعاته السيادية الكامله, غير القابلة-مهما كانت الخسائر باهظة و مكلفة جداً جداً- للشطب و التحوير و التقليص و التلاعب و التحايل ..
أن التمسك بإنجاز البرامج الكفاحي الإنتفاضي الفلسطيني يقترن أيضا و بصورة مبدئية و جدلية, بالوفاء لدماء و أهداف شهدائنا, بهذا الكم الهائل, النوعي و الكمي, من تضحيات و مقاساة و مسيرة أجيال فلسطينية عربية متعاقبة قدمت كل ما تملك من أجل حرية فلسطين و شعبها و عودة أهلها المشردين و النازحين إلى ممتلكاتهم و ديارهم المغتصبة في كل فلسطين .
فهل يرقى هذا الإنسحاب أحادي الجانب, الشيطاني الشاروني المرواغ و الخبيث و الدموي, من مستوطنات غزة, إلى مستوى الأحلام و الطموحات و الأهداف النبيلة التي أستشهد من أجلها أبطالنا...نسور كتائبنا المجيدة في نابلس الحبيبة.. و جميع الشهداء الأبرار.. في كل أرضنا المحتلة ؟
هي أنهر و شلالات من العطاء الملحمي السامي الفلسطيني الجبار..تصب كل بطولاتها الخالدة في بحر الإستقلال و الحرية و العودة ..
أنهار الصمت العربي الرسمي لا ماء فيها..حجارة تلطم ماضيها التليد..صمت حاكمي, مثل الرصاص يصيب أجساد المجد و الخلود..فلا يؤثر فيها..بل يجعل الفلسطيني يصبر على أذى العروش و أصحاب العروش و الكراسي المرتعبة و الظلم الكوني المنافق..لعل الأصلاح و التغيير و الصحو و المواقف الجريئة تأتيهم"كجلمود صخر حطه السيل من عل" فنتصور من سذاجتنا أن أصحاب الفخامة و السيادة و المعالي أخذوا يرددون مع إمرىء القيس: اليوم خمر و غداً أمر.. و ما أمر من المراهنة على الخذلان و تحوله من حالة الجمود إلى حالة الحراك و الإنقلاب !
فيا أيها الوطن الحبيب الذي نموت من أجل إسترداده و تحريره من إحتلال الصهاينة و من شرور و جرائم ثكنتهم العنصرة التوسعية المحمية من كل جهات التحيز و القهر و التواطؤ..علمنا ..و نحن نعاني و نتعذب و نستشهد من أجلك.. من أجل حرية شعبنا.. و دفاعاً عن العروبة و أمتها و في مواجهة الصهيونية و مخططاتها الإجرامية, التقسيمية, التأزيمية, في منطقتنا و أقطارنا العربية و الإسلامية, علمنا أن نجد طريقة للموت كشهداء دون أن يتمكن من مشاهدة عذاباتنا و دموع أمهاتنا و أخواتنا و الإستماع إلى قصص و سير تضحياتنا أي شخص من العرب الرسميين ..
نابلس الأبية تودع نجومها البواسل..صقور و فهود و قادة كبار في كتائبنا الباسلة.. لكن ضياء النجوم يبقى و أهداف الشهداء باقية لا تحيد عنها قبضات و سواعد أبطال إنتفاضة الإستقلال و الحرية و إستعادة المقدسات و كافة الحقوق الفلسطينية المسلوبة .
سليمان نزال
تاريخ النشر : 00:13 27.06.04