حزيران العربي الرسمي في كل الشهور
بقلم : سليمان نزال
تمر بنا الذكرى الحزيرانية, بملابسها السوداء و نتائجها الأكثر سواداً من خراف الإستجداء و التبعية و الخنوع, أما البواسل من أبطال المقاومتين الفلسطينية و العراقية, فيتمسكون ببياض و نصاعة أفعالهم المُشرفة الجريئة, فتبتعد عن طريق سواعدهم بالترابط مع إزدياد خسائر الظلام اليانكي و جنوده في العراق و الحقد الصهيوني الشاروني و ثكنته المجرمة, في الأرض المحتلة, أما الأنذال من رسميي هذا الوقت العربي المشوه, فلا يكتفون بفتح طرق و مسالك للهزيمة الحزيرانية, في ذكراها السابعة و الثلاثين, بل يبدعون و يطورون في أليات الهوان و الإستخداء ! لتجدهم و قد أصبحوا يتنفسون مع الهزائم و الخيبات من رئة حالكة مشتركة, فهم طريق الهزيمة و التخلف و الجمود و الإستبداد و الصمت الرعديد, و هم الطرق التي تمر منها جيوش القهر و النهب و السرقة و الإحتلال و الإغتصاب و الجرائم و السيطرة و الإذلال بكل مسمياتها الصهيونية و الأمريكية و البريطانية و كل من نحا نحوهم على أرضية الرعب و الأطماع و المصالح.
فأية فائدة تكمن في العودة إلى حرقات البحث عن تاريخ فقد و خسارة الأرض العربية, في سيناء و الجولان و الضفة الغربية, و أنت تشاهده أمام ناظريك أبناءه و مسبباته و مصادره و عثراته, يسعون إلى سلخ جلد"تاريخنا "العربي و الإسلامي, و يتسببون لنا بإحتلال العراق, و إستمرار معاناة و عذابات و مكابدات الشعب الفلسطيني و يهددون أمتنا في السر والعلن بهزائم تاريخية أثقل و أبشع من هزيمة حزيران عام 1967 ؟
تنظر حول جرحك العربي الفلسطيني الممتد في سمات و خدوش و معالم و إنجازات الهوية العربية الإسلامية, فتتحول الكتابة عن مناسبة في نكسة إلى طقس كئيب, و نكسة في إستدعاء النعت المناسب القادر على الإحاطة بكل جوانب الأزمات و الهموم المتواصلة التي لم تتمكن, رسميا على وجه التخصيص, و بعد كل هذه السنوات الحزينة القاسية المؤلمة, منذ حزيران الهزيمة الساحقة, و رغم كل النزيف الفلسطيني و العربي وكل الدماء الطاهرة المراقة على أرض فلسطين البطولات و الملاحم و على ثرى العراق البسالة و الحضارة, من الحفاظ على سلامة" الشرف الرفيع" بكل مفرداته من الأرض العربية, إلى أمن و حقوق و حرية و كرامة الإنسان العربي..من أذى الغزوات و جرائم ومذابح و إغتصابات الإحتلالات الأجنبية .
فماذا تقول يا سيدنا المتنبي فيما وصلت إليه حالة الأعراب و أنظمتهم البائسة في المواجع و الإنتكاسات الراهنة و نحن نمر في ذكرى حزيران الهزيمة, و قد أريق الكثير من الدم الزكي في تضحيات فلسطينية و عربية لا تنقطع لها شلالات عطاء و كواكب شهداء أفذاذ, فما رأينا الشرف العربي, بحضوره الكامل, و صفاته الوافرة, يسلم من الأذى و الإنتهاك في سجن أبو غريب و غيره من السجون الصهيونية و الأمريكية و في كل أرجاء الخارطة العربية المهانة ؟!
من تراه الذي يعتمر خوذة التحدي و درع العنفوان الفدائي, فيساعد أبطال و بطلات فلسطين و العراق في التخلص من نير و عسف الإحتلالين الهمجيين المترابطين في الخطط و الأهداف, و يأتي مخلصاً لوجه الله تعالى, لا يضع عينه على إمارة يقتطعها من لحمنا تحت ذرائع الإنسحاب الشاروني الإرهابي المكذوب ؟
هو ما قلت يا سيدنا الشاعر العربي الأكبر: على قدر أهل العزم تأتي العزائم و تأتي على قدر الكرام المكارم
و أهل العزائم من شعبي فلسطين و العراق, يسدون منافذ الخنوع و الهوان برشقات للعزم و الفداء متلاحقة و هم الكرام الأحرار الذين لا يبخلون على عدوهم بأشد الضربات و أكثرها إيلاماً في صدره الإحتلالي الإغتصابي البغيض..هم البواسلُ الذين يلقون الخوفَ في قلب الهجمة الإمبريالية الصهيونية و إصحابها و المروجين لها و أذنابها و سائر قطيع الجلب و السلب .
الهزيمة في حزيران 67 ..بكل ما ترتب عليها من نتائج كارثية و آثار و خرائب هي من مسؤولية النظام العربي الرسمي, حتى و إن تبدلت بعض عناوين القهر و الخيبة و الإستفراد .
الأزمات العربية تتراكم في حالات التفكك و العجز و التخلف, و لا حلول, و لا أصلاحات, و من تقدم و إزدهار, و لا من منقذ يأتي على رأس جيش عرمرم كي يلقى مصير محمد علي و من تبعوه أو يفلح و يفتح على طريقة الناصر صلاح الدين !
الهزيمة تنتج الهزيمة, و القمع يعتمد على حركة و ثورة المقموعين و ساعات غضبهم و توقيت الجموح الجمعي .
الهزيمة تتواصل, طالما أن القمم العربية لا تسفر إلا عن نتائج و قرارات هزيلة و باهتة, تحرض على إرضاء ألد أعداء أمتنا وشعوبنا العربية من صهاينة و ضغائن حليفة غازية معادية, آخر إهتماماتها سيادة العراق و تحرير شعبه و سلامة و وحدة أراضيه .
الهزيمة في حزيران و في كل شهور الجدب و التراجع و القصور, صورة النظام الإستبدادي العربي و جوهره المعادي للتجديد و النهوض و إمتلاك أسباب و مرتكزات القوة و المنعة, منخور البنى و الأسس , ضعيف أو تابع أو باهت المؤسسات الفكرية و الثقافية و البحثية و الإجتماعية المستقلة ..
الهزيمة تتواصل في كل الشهور القمرية و القدرية العربية طالما أن "أبطالها" ما زالوا يهزمون شعوبهم على سدة الرئاسة و البطش و الظلم .
النظام العربي المهزوم, لا يشعر بهزيمته كما تشعر بها الشعوب العربية المقهورة, له إمتيازاته و إرتباطاته, و حماته..و دماء الأنظمة العربية تجمدت من شدة الخوف على زوال مصالحها و سلطاتها, فلا حر اك لا من أجل نصرة العراق أو دعم فلسطين أو للتضامن الحقيقي الفاعل مع سوريا و لبنان .. و لا يأتي من أجل الحفاظ على كرامة شعوبها .
الشرف العرب يصونه من إنتهاكات الغزاة, أبطال و نسور فلسطين و العراق ... و الرد على حزيران النكسة و العار و كل "الحزيرانات" المتماثلة لا يكون إلا بالمواجهة و توحيد الجهود العربية و مواصلة المقاومة .
سليمان نزال