في ذكرى يوم الأرض: كل أيامنا للأرض
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

في يوم الأرض, في ذكراه التاسعة و العشرين, تنطلقُ ذاكرةٌ جماعيةٌ من أعماقِ الإنتساب و الوفاء و لتهتف: كل أيام الفلسطينيين للأرض, صوناً لها, دفاعاً عن حرية شعبها و مكتسباته و آماله و حقوقه.

 

في الثلاثين من آذار, عام ,1976, كتبتِ الدماءُ الفلسطينيةُ العربيةُ في سخنين و عرابة و كفر كنا و الطيبة أسفارَ التشبث بالثرى, بملكية الروح و الجذور و الجدود, و إندفعت جموعٌ باسلةٌ في المثلث و الجليل و النقب.. تعلي صرخات الإنتماء للوطن, تعطي في الوافر السخي, تضحيات الأرجوان المعافي الحر, في دفاع ٍ للدماءِ الزكيةِ, عن الحق و المساواة, و ضد التعسف الصهيوني و مصادرة الأرض و ضمها لثكنة الحاقدين العنصريين.

 

إنطلقت الجماهير, لتضفي أبعاداً و مضامينَ  أكثر من راسخة على مكونات هويتها الوطنية, لتتسعَ  أمداء هوية المشترك الكياني الواضح في كلِّ أرجاء الشموخ.

 

كانت الأرض في البلاد, تشيِّعُ  شهداء الأرض, تحيي ذكراهم.. أصبحت الذكرى لكل الفلسطينيين  يوم إعتزاز و إفتخار..صارت الجذور تمشي إلى جذورها,  و صار الإحتفال إشارات هادية لتواريخ الصحو و الإحياء و علامات منيرة على طريق الرجوع إلى  الممتلكات و المنازل و الحقوق السليبة.

 

 تأـي ذكرى يوم الأرض..  في الوقت الذي يُكشِّرُ  فيه الزمنُ العدائيُّ الدخيلُ عن أنياب التوسع و الهيمنة في محاولات و مؤمرات باتت مكشوفة لتلقين الإنسان العربي و المسلم, من المحيط إلى الخليج, لغة الخنوع و العجز و الإستسلام لمخططات إعادة التجزئة و التفكيك و ترسيم خرائط الهوان و الإستخذاء بخطوط الغدر و التحايل و الضغوطات و الإبتزازات و المكائد الإمبريالية و الصهيونية و تجري عمليات منظمة مشبوهة لصناعة عملاء"ليبراليين" يثبون على سلطة الدكتاتور "الوطني" في معظم الأقطار العربية و الإسلامية, وصولاً إلى تحقيق أهداف الإمبرياليين التوسعيين و المتحالفين مع الصهاينة و أعوانها المتمثلة في تثبيت دمى "إصلاحية" تنشد إحداث "التغيير" عن طريق إحداث العاهات في جسد العروبة و القيم و الثوابت.

 

كأننا كشعوب وأمة..لم نتعرض للقهر و الإستبداد و السجن و كم الأفواه.. حتى  تأتي الهجمة الإمبريالية المسعورة كي تسلبَ  ثرواتنا و شعاراتنا  أيضاّ..

 

تحيي جماهيرنا في الوطن و في المهاجر و الشتات ذكرى يوم الأرض الخالد,  و التآمر على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى دياره-وفق مقررات الشرعية الدولية و على رأسها القرار رقم 194 –دخلَ  مرحلة التمييع و التهميش المنهجيين, بحث صارت تُبنى لهيكلة التقزيم و التفريط.. منابر و مؤتمرات و دول داعمة غربية و مؤسسات و هيئات برلمانية, تحت عناوين و شعارات مخادعة برّاقة.

 

هو تراب مقدس في تمام الجلال و السمو..فلا تجزئة للقلب, لا تجزئة للشعب الواحد..ذكرانا ذكراكم..جراحنا جراحكم..عذاباتنا عذاباتكم..حقوقكم حقوقكم.

 

مطاليبنا المشروعة  تظل مرفوعة على أكف البقاء الراسخ, تيجان سناء و سنديان حارس.

 

هو نضال جمعي  تدعمه القواسم الوطنية المشتركة , و إن تعددت حلقاته و تنوعت مجالاته, و توزعت خصوصيات الفعل الصحيح.

 

في يوم الأرض المجيد..سيظل شعبنا الفلسطيني الصامد الصابر, في كل أماكن تواجده, في الداخل و الخارج, يناضل من أجل إنتزاع  كافة حقوقه في العودة الكريمة  و بناء دولته السيادية المستقلة, و لن يتوقف عن مواجهة كل صنوف العنصرية و التمييز و الإعتداءات على الإنسان الفلسطيني و أرضه و ذاكرته الصلبة.


___________________
سليمان نزال
30.03.2005