المشهد الحزين في تناسخه
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

جبالٌ تجتمعُ على رسائل جراحك, تقرأ بين الصرخات الفلسطينية و العراقية سطور الصبر و عذابات ما قبل الفجر و الحرية..و لا يجتمع عرب الظلام و النظام و الخوف المزدوج إلا عليكَ , حصاراً, غدراً, تجاهلاً لآلامك في غزة الشجعان و ضفة النسور و الفرسان, و كل فلسطين الباسلة, و في فلوجة الأحرار, في الموصل الأبية و سامراء و الرمادي و بعقوبة الأبطال, وكل عراق الشموخ و المقاومة..

هو المشهد الحزين في تناسخه..في تحوله إلى طعنات يومية في ظهور البواسل المتمسكين بجمر ثوابتهم, بصلابة مواقفهم المناهضة لتحويل الوطن العربي الكبير , بكلِّ أقكاره و أقطاره و أمصاره و جهات تمزقاته إلى "كيبوتسات" و ملاعب إصلاحات خبيثة, مخاتلة, حيث تجري , تحت إشراف العولمة المسعورة و المتصهينة, عملية إدخال العقل العربي, بكل ما يحتويه من تقاليد و ركائز و أبعاد ثقافية و حضارية..في ماكينة التطويع و المسح و المسخ و القص و الحذف, ليخرج من المصنع الصهيو-أمبريالي, مطواعاً, جاهزاً لرقصة العار في ساحات الخراب و الإستسلام و الخزي العمومي!

يتكرر المشهد في مؤتمر شرم الشيخ يتكرر..تابعون مرتعبون يقدمون الشرعية لعملاء أمريكا و توابعها, يستبعدون من أعمال فصائل المقاومة العراقية الجريئة مع الأحزاب العراقية المناهضة للإحتلال و التي تمثل غالبية الشعب العراقي الرافض للإحتلال الأمريكي الغاشم..و بمثل هذا التجاهل يكافىء سكان الفلوجة التي تعرضت لأبشع المجازر و المذابح و قتل المدنيين في المساجد, بينما يحصل مدمرو العراق, و ناهبو كنوزه و آثاره و أصول و ممتلكات دولته التي تعرضت للغزو الشرير, تحت شعارات و عناوين مختلف الأكاذيب و الإفتراءات, على شهادة براءة من النظام العربي الرسمي, و ينال علاوي فرصة إضافية لتدمير المزيد من مدن العر اق, بتعاون مع قوات الإحتلال الأمريكي, و على وقت كاف لتزوير الإنتخابات القادمة, المقررة في الثلاثين من كانون الثاني"يناير" 2005.

فلسطينياً, تستعيد الضغوط الأمريكية نشاطها, يأتي باول المستقيل إلى المنطقة..ليشرف على ترتيب البيت الفلسطيني وفق نبؤة بوش الإبن الذي قرر أن "يمط" حبل رؤيته لدولة فلسطينية مستقلة حى نهايات ولايته الثانية و الأخيرة في العام 2009..لتستمر عذابات و مكابدات الشعب الفلسطيني حتى هذا التاريخ و ربما بعده..و إلى أن يضمن الجناح المحافظ الجديد و المتطرف دينياً, إيجاد حالة فلسطينية, تقبل بأجندة شارون الدموية و أساليبه الوحشية الإملائية في فرض حلول إجبارية هزيلة على الشعب الفلسطيني, تجبره على التخلي عن حقوقه الوطنية المشروعة , المتمثلة, أساساً, في هدف إقامة دولة فلسطينية مستقلة, ذات سيادة حقيقية, عاصمتها القدس الشريف و ضمان أكيد لحق عودة اللاجئين المشردين من ديارهم و ممتلكاتهم الأصلية, إستناداً إلى القرار الأممي رقم 194

و في هذا الصدد, ساذج من يصدق بأن الأمريكيين و الصهاينة و حتى بعض الأوروبيين, سيهللون فرحاً و تأييداً لإنتخابات فلسطينية مهما بلغت شفافيتها و نزاهتها, إن هي أدت إلى فوز مرشح فلسطيني, يتمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية, و يصون الوحدة الوطنية الفلسطينية, و يضع مصالح شعبه فوق أي إعتبارات تمليها الإملاءات المتدافعة من مراكز دولية و إقليمية.

سعي إمبريالي صهيوني محموم, متواصل و حثيث, لتطويع المنطقة العربية بأكملها و لضمان السيطرة على النفط, و تغيير الأفكار بالقوة, و تحطيم الرموز, و تبديل مسارات الأحلام التاريخية العربية, بما يخدم الكيان الصهيوني, و تعزيز نفوذه, بالتحالف و التنسيق الكاملين مع إدارة بوش.

___________________
سليمان نزال
23.11.2004