جـاليـات و لصـوص..
قـلم : سـليـمان نــزال
في الجاليات المهجرية يوجد أفراد ظنوا أن بمقدورهم أن يبدلوا بأصابع حيلهم موازين الوقائع,ليجعلوا من مصالح لهم ضيقة و نرجسية عناوين رئيسية لكل المراحل و المنعطفات حتى التاريخية منها!
أفراد يشربون من مياه مكيافيلية..عكرة,نراهم في بلاد الغرية, يشهرون سيف التواطؤ في مواجهة كل عمل منظم, جماعي,وحدوي. و يا ليتهم يكتفون بأكل الأكتاف,كغاية و و سيلة قد يبررها البعض مشفقاً, بحالات إنسانية تبحث عن لقمة العيش!
إلاّ ان الأمر ليس كذلك..بل أمرَّ و أسوأ بكثير.
أفراد يجعلون من أسمى القضايا و أطهرها مجالاً خصباً و قناعا ًللحصول على مال و جاه و ألقاب نارية.
و في الغرب توجد قوانين و ثغرات قانونية و مؤسسات إنسانية, و ليس كل الغرب غربا بالمطلق و التعميم
فلم لا يعثر الوصوليون,المنتفعون في هذا الواقع الغربي منفذاً و ملاذاً و عبر هذه الوسائل و الطرق الملتوية يحصلون على مبتغاهم-اكاد اقول مبغاهم-
فيحصدون النقود و السمعة الوطنية معا!
و تُؤسس جمعيات, و يُعلن عن قيام أندية..و الهدف دائماً و أبداً الحصول على أموال الدعم من البلديات و سواها. و يأتي بعد ذلك الدهان المناسب الذي يواكب المناسبات و يلاحقها, فيتم إختيار أقوى الشعارات الطنانة, التي تدر عليهم لبناً و تجلب لهم حظاً و عسلاً و إمتيازات و ظائف, و بعض القادرين على التقييم و التمييز يفرون من واجبهم, أحياناً, و يبتعدون عن وجع الرأس و التحليل!
بيد أن حناجر الفريق المراوغ لا تعمل بالمجان حتى في دعم
الإنتفاضة و العراق و كل هموم العرب..يحسبون أن حناجرهم المريبة من ذهب خالص, لا تعمل من اجل فلسطين و الأمة حتى تأخذ حقها ناشفاً مالاً و أوسمة !
يستغلون بعض مظاهر الجهل و الإحباط و سكوت الشرفاء عن إنتهازيين
سلوكهم المكروه, ليفوزوا بنعمة النهب و ديمومة التلاعب و إستغلال الروابط و الجمعيات.
إن الأشكال و الألوان التي تتخذها عدة الإحتيال في صفوف جالياتنا في دول الشتات الغربية- خصوصاً في الدول الإسكيندينافية و منها الدانمرك و السويد و النرويج- لا يمكن إلتقاط ملامحها و تشخيص أمراضها بسهولة, و يبدو أن الأمر يحتاج الى خبراء و إختصاصيين في فك رموز الغش المدروس و التلاعب الخبيث . غير أن بعض تجليات و سمات و سلوكات هذا القطيع المسيء,
واضحة, و مكشوفة, و بشعة كجرائم و مذابح شارون و حكومته ضد الشعب الفلسطيني, ومثل أكاذيب إحتلال العراق.
و ليست هذه الظاهرة ببعيدة عن بلادنا العربية فساداً و عمولات و سمسرة و محسوبيات و تبعية لاهثة.تخرج الكلمات المخادعة من أفواه الفاسدين لتشير الى عريها المدجج بالصفاقة و الوقاحة,
كلماتهم النفعية لا تحارب شيئاً أكثر من الحقيقة و شرف الكلمة المسؤولة.
و في خضم هذا النقد و الكشف, ينبغي أن نشيد و نذكر نشاط و جهود الآلاف من أبناء و بنات جالياتنا العربية و الفلسطينية الذين يخدمون قضاياهم بهمة و إخلاص و لا يمكن إنكار دور بعض القوى اليسارية و الديمقراطية التي تقدم لنا العون و التضامن , مع أن عددا من أفرادها يساعدون بعض الوصوليين دون أن معرفة و دراية.
و ينبغي دائماً التمييز و المتابعة و التدقيق و رؤية المسائل بالإستناد الى الموضوعية و الإنصاف.
و قد يبدأ الواحد من الوصوليين و المفسدين وطنيا و ثوريا ..في لحظة ما.. في مرحلة ما
و ينتهي الى أن يصبح مرابياً و مرتزق دجال..و أن اعجبكم منطوقه !
و يحدث العكس أيضا من كان لا يملك التاريخ النضالي يصنع له من أوهامه و أكاذيبه و إختلاقاته تاريخاً مزعوماً و يروح يرويه لبعض معارفه الجدد الذين لا يعرفون أي شيء عن أصله و فصله , كما يسرب هذه الأكاذيب إلى بعض المجموعات اليسارية و التقدمية التي تتعاطف مع القضية الفلسطينية و مع قضايا العرب فيعزز مواقعه على أرضية الإدعاء و الإستيلاء على المعونات و سرقة التبرعات..
و لا ينسى أن يسيء إلى المناضلين أو الذين من كانوا من المناضلين الحقيقيين كي يكتملَ المشهد المزور و يختلط الغث بالسمين..
إنهم مرتزقة يصنعون من كل شيء يخدم مصالحهم شخصياً بضاعة و سلعة و سوق تبادل و إستعراضات منتجة..
ينتفعون حتى بأحزانك يا بلادي,أفراد يندسون في صفوف الجاليات, يعملون على إستمرار الخلافات و بذر الفتن, و اذا رأوا مشروع وحدة على أساس من قواسم مشتركة, إشتعلوا حقداً و بادروا الى رشق المشروع - كل مشروع - بسهام الحقد و التفريق..
و إذا نجحت الجالية في تشكيل رابطة تسللوا إليها و سيطروا عليها بعد أن يتخلصوا من المبادرين الذين أسسوها و بذلوا الجهود من أجل قيامها..
جهابذة في التزوير, أساتذة في إبتكار الخصومات..برامج متقدمة في الدهاء و الكسب الرخيص,عباقرة في نشر وبث الإشاعات
لكن, من يتحمل المسؤولية عن وجود هذه النماذج ؟
لماذا لا تبعدهم الجاليات العربية و الفلسطينية على وجه الخصوص عن صفوفها..لمَ بقوا بين الصفوف كي يفرقوا الصفوف ؟
سليمان نزال
تاريخ النشر : 12:40 17.08.04