الحاكم و الجماهير
قـلم : سـليـمان نــزال

سـليمان نـزال

و للحاكم العربي المطلق المغرم بعشق ذاته و عبادة سلطته و شهواته ألوان و أنياب..فلا يستغربنَّ  أحد من  خلق الله تعالى في عالمنا الشرقي الذي يسقط و يتهاوى..لو طلعت علينا صحف هذا الوقت الأصفر و فضائياته المتوجة بحظوظ الزيت و الذل المصقول بعنوان يغيض كل مقهور يقول: حامي ديارنا..و صانع أمجادنا!! هو الزمان بعينه و الزمان هو..

 

و ما الغرابة في أن يفعلها حاكم مستبد يصمت صمت اللئام التُبّع على المجازر و المذابح ضد الفلسطينيين و العراقيين, التي يرتكبها الصهاينة و  حلفاء الكذب و الجرائم و المصالح بقيادة الولايات المتحدة التي تطمح في "توحيد"  هذا الكون-خاصة العرب و المسلمين- بشعوبه و ثرواته و نفطه و خرائطه و مصيره و ثقافته داخل قبضتها المتجبرة العلاقة الشريرة.

 

ما الغرابة في ظل  هذا المطر السوريالي العقيم الذي ينهمر فوق رؤوسنا من المحيط إلى الخليج, لو وجدت من العرب الرسميين و غير الرسميين من يشارك في التآمر على سوريا و لبنان و التمهيد لغزوهما بصواريخ "الديمقراطية" و جرائم و أساطيل و مخابرات و شركات و أبواق"الحرية" وطائرات و بوارج" الإصلاح" لا  عرابة , إذا أن لفظة التضامن العربي هي في هذه الأحوال الكئيبة المكفهرة, الإسم الحركي للخزي و الهوان.

 

حاكم مفرد يستولي على الشعب.. فهو من أملاك أبيه و هو "صاحبه" له حق التصرف في بيعه أو سجنه أو ضربه أو تجويعه و إفقاره.."فالدستور" لا يمنع أي شخص من تأجير مزرعته او رهنها أو عرضه للبيع في المزاد العلني.

 

كل شيء قابل للتزير و التحوير  التلاعب و التمرير الوحشي  على أرضية التبعية و الخنوع و الحرص على إرضاء ألد أعداء العروبة و الإسلام من صهاينة  و إمبرياليين.

 

هل نلقي حبال السخرية على طولها..فنوجه الإتهام  إلى اللغة العربية و نتهمها بالمسؤولية عن تدهور أوضاعنا العربية في الماضي و الحاضر و المستقبل؟

 

هل لأننا نتكلم في لهجات متنوعة في تعاملاتنا اليومية, نقع في إلتباس مزدوج..  و نحن نكتب ونقرأ  و  نفكر" رسمياً" في اللغة الفصحى  فينتج التناقض في السلوك؟

 

أم أن في اللغة الفصيحة الجميلة و المقدسة أيضا-كونها لغة القرآن الكريم- يوجد أكثر من قارب للنجاة و طريقة للهروب من الواجبات فتصير هي الأخرى "حمَّالة أوجه" فيصعب الإلتزام,  و تتحلل القيود؟!

 

حاكم أو زعيم  يعبر عن كل الجماعة و هو ركيك, ضحل الثقافة, فينوب عنا في التصريحات..أو يوكل الأمر في الغالب الأعم, لحاشيته المنافقة المنتفعة  و بطانة الجدار الواقف...

 

"فنحن" فرد.. و الفرد" نحن" و الأزمات لا تنتهي..فلم تعد نعلم إين نمضي" نحن" كيف نعالج مشكلاتنا المتراكمة منذ ما قبل زمن المماليك..و بعد كل هذه الخسارات و الإهانات التي باتت عند البعض شبه إعتيادية ما زالت  توجد قطاعات واسعة من أمتنا , تَحِنُّ إلى التأخر و الرجوع..كيف تزول الأصنام إذاَ؟

 

 و تستمر اللعبة..شلالات الدم التي تراق كل لحطة في فلسطين و العراق لا تلقى إستجابة شعبية أو رسمية عربية و إسلامية تعبر عن نفسها في غضب ساطع جدي فعلي و مظاهرات عارمة مليونية..

 

و لا حراك في العمق.. لا تقدم..لا نهوض..لا تغيير في الأسس المنخورة..لا إصلاح في الجذور..

 

أيكون الحاكم العربي مُتهم فقط .. و الجماهير العربية من الماء إلى الماء بريئة..مظلومة إلى ما لا نهاية..إلى ما شاء الله.. فلا تتحرك.

 

 

سليمان نزال
تاريخ النشر : 14.09.2004