أحزان و تهاني
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

هي أحزان مستمرة بمكابدات لا تنتهي..تعلو قامتها..لنسمو. كيف نقول الهمّّ في سطور فلسطينية عربية تحمل قنديل المعاناة من جرح إلى جرح كي نفوزَ بالرجاء المضيء, و تتوهج رؤانا السيادية و تتوحد صفوفنا الوطنية.

أحزان قادرة على تشخيص حالة القلب الكياني, إذ تبصره في معترك المواجهات و الصبر يرسل برقية تعزية في يوم عيد.. ثم ما يلبث أن يتشبث بكل أسباب التماسك الصلابة و الوضوح, و يطيَّر برقية تهنئة بمناسبة عيد الفطر السعيد! في أيام حزننا على غياب الرمز التاريخي الشهيد ياسر عرفات و حرب الإبادة التي تتعرض لها الفلوجة..

و نستعيد الصرخة الأولى,و نحن نتدرب على مداواة النزيف بالنزيف: عيدنا يوم عودتنا..و تستذكر آلاف آلاف الحناجر في لحظة الأسى و غياب مظاهر الإحتفال, مطلع القصيدة التي قالها في غضبه المتنبي في كافور الإخشيدي" عيد بأية حال عدت يا عيد.." و تنظر حولك في خريطة الأزمات و الإنقسامات و الهوان, فتشاهد عشرين تمثالا على هيئة كافورية, فلا تتعجب.

كل شيء ينزف و يعاني.كل عضو في هذا الجسد الكبير يئن..فيبكي التضامن المفقود بقية الأعضاء المتنافرة و المتخاصمة.

الفلوجة تنزف و العراق الأبي..فلسطين تحتفي بالشهادة على طريقة البواسل..تراب القدس ينادي جثمان الرئيس الخالد الشهيد أبو عمار..يريد أن يحتويه و يضمه محبةً و رمزاً و تصميماً و شموخاً.

هل فقدنا رغبتنا في أن نبوحَ لهذي الجراح العميقة المتسعة ببعض ساعات الفرح و الهدوء؟

كم مرة سيعلن المقهورون في بلادنا العربية" موت العروبة".. حين سقطت بغداد ماتت العروبة..حين حدثت مجزرة صيرا و شاتيلا و مع الإجتياح الصهيوني للبنان عام 1982 ماتت العروبة.. حين أغتصبت نساء العراق الماجدات الشريفات في سجن أبو غريب.. أعلن عن موت العروبة..و حين صار الصمت العربي مشاركاً و متواطئاً في الجرائم و المذابح الصهيونية المتواصلة على مدار الساعة الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني الصابر الأسطوري ماتت عروبتنا..و عندما تم إغتيال الرئيس الشهيد ياسر عرفات على أيدي المجرمين الصهاينة..رأينا العروبة تموت..

ألا أكرم من عرب رسميين و غير رسميين يموتون دون إعلان..فلماذا يخشون نعي المواقف الصحيحة المفقودة؟

المياه تتعذب من المحيط إلى الخليج..لأنها لا ترى سوى الغزوات الإمبريالية الصهيونية الدخيلة و أساطيل الهيمنة و النهب و الإذلال تعبث في البحور و الأنهار و السواحل و الأعماق و الأفكار و المبادىء..

هي عذابات مستمرة..و ما زلنا ننشد الفرح و الإستقلال و الكرامة و الإزدهار و التقدم و الحرية و كل المكونات النبيلة التي تضعنا كعرب في مصاف الدول و الشعوب الناهضة الراقية.

لم يبق شيء لم يضربه سهم الحزن في وطننا العربي..لم تبق فكرة جامعة موحدة لم تتعرض للمطاردة و التشويه, في هذا الزمن الوحشي الذي يريد لنا –بالقوة و الإكراه-أن نحمل في معصم حاضرنا و مستقبلنا ساعات أمريكية و صهيونية..كل إيقاعاتها و دقاتها تابعة ذليلة.

رغم كل شلالات الدماء و الدموع و الآهات, في فلسطين و العراق و غيرهما..نقول: يناضل بواسلنا وصقورنا لإستعادة الفرح و البهاء و كل الأرض العربية المحتلة..

كل عام و أنتم و هذا الشعب الفلسطيني العظيم.. و هذه الأمة الجريحة..بخير.
___________________
سليمان نزال
13.11.2004