الغيم و البرتقال
قـلم : سـليـمان نـزال
الغيم: أما زلتَ تنتظر أن يسفرَ رجوعي في جراحك إلى نشيد رذاذ و رؤى سيادية تامة المعاني, و خصوبة إنتساب معافى و شفاء أحوال..فتراك تدخل نشيد الصباح في ساعات الفجر و الرذاذ و تكون عريس إحتفالات البراعم حين يندحرون؟
البرتقال: هو إنتظار بين مسافتين تحدقان في الربيع الشامل..و أنت تشتاق لي.. و هم بي يشتاقون إلى أصل الحكاية و ينابيعها..حين تزهر ربوعي تراهم يأتون جموعاً, فيملأ الأريجُ الكياني صدروهم..في وقفات أزلية على ساحل أمكنة الضلوع , في حضرة شذاها و الإستقلال..و حين نظل نتبادل أنخابَ الديمومة..فتورق في إجتماعنا على التراب أشجارُ ذاكرة مستعادة..فترى القطرات العائدة تتقاطع مع قطراتك في أجمل الصور..
الغيم: شجرٌ يقول القصيدة بادئاً من جذورها..قد أصابت كلماتك المتناثرة بين دفقات القصد..و لآلىء التكوين الفلسطيني بيت وجودنا و أحلامه الراجعة كي ترتب للجمعي الباسل صحوة الدلالات..في موعد التوق و الحرية..
البرتقال: ما قيمتي وحدي..حين أحزن وحدي, أو أمضي إلى المسرات بسحابة منعزلة..أنا جزء من كلية تماسكت بين شطي الحنين..قد يستعير البحرُ ملابسَ النهر ..فلا تدري أيهما اليم و أيهما المتدفق الجليل..هو أيضا, يا صديقي, تماسك في المصير و مثابرة على طريق النضال و إصطبار على الآلام و المعاناة و الأحزان و تفان لطرد الغزاة و المجرمين من أرضنا. ها أنت ترى أنني أمثل كل الحقول في صرختي.. و أكتب بحبر حشود تريد إنتزاع كافة حقوقها في العودة و الحرية و الإستقلال و بناء الدولة العزيزة, المستقلة.
الغيم: و تمثلني أيضا في جموحك البرتقالي ..لكنا نحاول الدنو من معدن العلاقات الأصيلة بين القلوب..فلا ندع المفردات وحدها تحدد أهدافك و أهدافي..فعلينا أن نقرر بوضوح, أين تمطر خطواتنا القادمة على دروب الإنعتاق.
البرتقال:هي حكمة الكلمات الأخيرة. من فم الفضاء المنهمر..كم دولة ظالمة جائرة دالت.. و حضارات تناثرت و إحتلالات وحشية تلاشت؟ كنتُ أحسبك غيثاً..ها أنذا أبصرك رمزاً و مستقبلا..شناشيل من حبق بلدي و غار و مطر واعد..
الغيم: و أنا كذلك يا صاحبي, لو عملت بأنك مجرد برتقال و حسب.. بلا تمنيات و تطلعات وآفاق برتقالية سيّدة..لما تحدثت إليك و خاطبتك بهذا اللسان..و كنت أكتفيت بالنزول مدراراً في حقولكم و بساتينكم..و أني الآن أهمي كي أروي نباتات الأحلام الخضراء..
البرتقال: هناك إياد دخيلة تدنو من مملكتي فأعلن النفوز و أبدل من طعمي و فاكهتي في حلوقهم الذئبية..و أحاول أن أكون فيها مراً , مثل العلقم..
الغيم: هل أنت قادر على التمييز بين الأحبة و أصحاب الأملاك.. و الذين لا يملكون و يميزون و يسلبون و ينهبون و يعتدون و ينسفون و يجرفون و يقتلون..
البرتقال: أصدقائي يميزون..و قد وضعَ الأجدادُ علامة سرية فلسطينية عربية تظهر على قشرتي الخارجية, فلا يفطن إليها إلا أهل الدار..
الغيم: هذا بيت الحوار..فعل الإغتصاب لا يكسب مواسم العطاء.. مهما فعلوا..
البرتقال: و إذا ربحنا نتقدم..نشيد أركان سيادتنا..نرفع مسلسل المكابدات عن كاهل شعبنا الصابر.. و إذا خسرنا في جولة, نتعلم و نستفيد من أخطاء الأفعال ناقصة التنظيم.. و بين هذا و ذاك..صوتي و صوتك..غيثي و ثمارك.. و صولات و جولات .إلى أن يلتقي على أرض كاملة المواصفات السيادية, الشمل و الخلان , و من كل أركان الإنتماء.
___________________
سليمان نزال
تاريخ النشر : 12.10.2004