إنتخبوا!
قـلـم : سـليـمان نـزال

سـليمان نـزال

هي ساحات الحسم الأخيرة في الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.. ساعات قلائل ثم تبدأ النتائج في الظهور, رويداً رويداً , ولاية بعد ولاية, تقارب نسبي بين المرشحين, و إستطلاعات تشير لتقدم بوش بنقطة واحدة عن منافسه جون كيري, و ليس مستبعداً تكرار سيناريو الإنتخابات السابقة بين آل غور و بوش, و إنشغال العالم و معه الشعب الأمريكي يإحصاء بضعة أصوات فارقة.

أعصاب أمريكية و عالمية مشدودة.. فلم تعد الإنتخابات في الولايات المتحدة الأمركية شأناً أمريكياً خالصاً, نظراً لوزن الأوزان في تعبيراته الإقتصادية و العسكرية و السياسية و الثقافية الذي تنفرد به أمريكا و تجيد إستثماره, في كل المجالات لصالح نزعتها في الهيمنة و الإستئثار و التحكم بخارطة الوجود الإنساني كله.

ساعات سيرتقي أحد المرشحين سدة الغطرسة الذئبية و لمدة أربع سنوات إمبريالية قادمة, فخذوا مكونات و مسببات قهركم و خوفكم و أمنياتكم و ضعوها, كأوراق إنتخابية, في صناديق العولمة المسعورة و شركاتها الناهبة و رأسمالها الجشع و جيوشها الغازية..فـأنتم مدعوون للمشاركة-فعلياً و رمزياً- و الإدلاء بأصواتكم و أن كنت لا ترغبون.

إنتخبوا بوش أو كيري..الجمهوري أو الديمقراطي..الغازي الذي يهدد بتوسيع غزواته أو ذاك الذي يدعو إلى تقديم حلول أنجع و إستخدام وسائل أفضل في محاربة الإرهاب و القضاء على القاعدة التي أسستها المصالح اليانكية و دعمتها المخاوف الرجعية و بعض عوامل العسف و التخلف و الإضطهاد و الإرتداد.

إنتخبوا رئيساً لأقوى قوة كونية ضاربة, لا تتورع عن إستعمال كل أساليب و طرائق و أسلحة البطش و التنكيل و العقوبات الجماعية و القصف الأعمى و المبصر, ضد المدنيين العراقيين, بما فبها الأسلحة المحرمة دولياً.

إنتخبوا بوش الذي قتلت غزوته الشريرة أكثر من مائة ألف مواطن عراقي..بقنابل و صورايخ الحرية الموعودة و طائرات و مدافع إقتصاد السوق!

إنتخبوا جون كيري الذي يتنافس مع منافسه بوش الإبن على خطب ود قلب إسرائيل الإرهابية العنصرية , قاتلة أطفال فلسطين, و التي لا قلب لها من الأساس.

صوتوا لحامي الثكنة الذئبية الصهيونية و حكومتها المجرمة الشارونية..لشريكها الكامل أو المتواطىء, في مجازرها ومذابحها ضد الشعب الفلسطيني أو لكيري الذي يريد أن يعترف بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني, فلا يتوانى في سبيل كسب أصوات اليهود و نفوذهم عن إلغاء و إسكات كل الأصوات العربية المطالبة برحيل الإحتلال الأمريكي للعراقي و إندحار الإحتلال الإسرائليي الغاشم عن الأرض الفلسطينية و العربية المحتلة.

هي إنتخابات دولية..تشترك فيها كل الشعوب و الدول..كلُّ سيقول أمنيته..كل سيلقي بورقته في صندوق الإنتظار القريب..فعباءة القطب الأمريكي الوحيد تغطي سطح الأرض, بل تمتد إلى الفضاء..و من ثقوب تلك العباءة الهائلة تسلل مواقف جريئة, تتمثل في بطولات عراقية و فلسطينية و عربية..و تتجسد في آراء ملايين الناس على مستوى العالم الذين يناهضون هذا الإستفراد الإمبريالي بمصير و مستقبل و أمن البشر و البشرية.

في كل الأحوال, ستفوز الإمبريالية و الإحتكارات الجشعة في الإنتخابات الأمريكية..ممثلة ببوش أو بكيري. فكل منهما محافظ على طريقته.

ربما تضفي مشاركة بعض المراقبين في الإنتخابات الأمريكية, من أبناء و بنات الشعوب المقهورة, و خاصة الشعوب العربية و الإسلامية, و من الذين أكتووا بنار السياسات الأمريكية الرسمية الظالمة المتحيزة لإسرائيل الوحشية, الكثير من صفات النزاهة و الحياد عليها..لماذا لم تتم توجيه الدعوات لهم, طالما أن المسألة تهم كل المجتمع الدولي, و خاصة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تكف عن التدخل في قضايانا و أحوالنا الداخلية و في خدمة أطماعها و ثقافتها الغازية و توابعها و إسرائيل العدوانية.
___________________
سليمان نزال
02.11.2004