فور سقوط بغداد في التاسع من نيسان /أبريل 2003 سارع أرئيل شارون إلى دعوتنا (الفلسطينيين) إلى أخذ العبرة مما حل بالنظام العراقي!
كان يحق لشارون أن يعربد ويستأسد على جميع العرب فالعراق صاحب الأرض الغنية بالنفط والمياه والشعب الكثير العدد المتنوع الأعراق والحضارة العريقة والتاريخ المجيد بات في قبضة أوباش المارينز،ودبابات الاحتلال تجوب شوارع بغداد والموصل والبصرة مثلما تجوب دبابات شارون شوارع جنين ونابلس ورام الله،وعلى العرب أن يتعظوا وإلا...!
ولكن فرحة شارون ومن خلفه جورج بوش لم تدم طويلاً فقد اندلعت المقاومة في العراق وهي تزداد تصاعداً يوماً بعد يوم بل ساعة بعد ساعة وكتب أحد مؤرخي الجيش الأمريكي عن فقدان السيطرة الأمريكية على العراق، وتشير العديد من المصادر الموثوقة أن ما نقرأه ونشاهده على شاشات التلفزة هو نقطة في بحر الواقع العراقي المشتعل.
أسقط في يد المحتل وأرئيل شارون وأدرك دهاقنة البيت الأبيض والبنتاغون وقادة تل أبيب أن سقوط النظام السياسي واعتقال صدام حسين لا يعني انكسار الإرادة لدى الشعب العراقي الذي يزداد تصميماً على دحر الاحتلال وإخراجه رغم أنفه من أرض العراق أرض الإمام علي وأرض الرشيد والمأمون.
لهذا اضطر شارون المعروف بالبلدوزر أن يوقف عنترياته و"تشبيحاته" واقتنع أنه باللجوء إلى "تساهال" لن يخضع الشعب الفلسطيني، الشعب الذي صمد وصبر واستلهم وبإعجاب وارتباط روحي ومعنوي تجربة أشقائه العراقيين التي تتطور وتنمو وتزدهر وتخرج أشجار الحرية والنصر الذي لا يبدو بعيداً رغم الأعمال المشبوهة التي يقوم بها البعض لتشويه صورة المقاومة العراقية باستهداف المدنيين.
لهذا تراجع شارون ولو نسبيا عن فكرة "تفكيك البنى التحتية للمنظمات الإرهابية" التي أصر عليها حين كان محمود عباس (أبو مازن) رئيساً للوزراء، كان إصراره يترجم بالصواريخ التي تقتل وتدمر، الآن وعندما أصبح عباس رئيساً للسلطة بات البلدوزر يردد هذا الكلام ويجتره بمناسبة وغير مناسبة ولكن دون أن يحرك "جنازيره" إلى الأمام وهو يدرك أنه إن تحرك وهو المعروف بمغامراته العسكرية العديدة فإن حلفاءه هم أول من سيشده من أذنيه في السر أو العلن ،الفضل يعود إلى صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته وإلى المقاومة العراقية المتواصلة والمتصاعدة،فلولا المقاومة العراقية لأصبح الوضع الفلسطيني حرجا،ولكانت فصائل المقاومة الفلسطينية في مواجهة أسئلة صعبة ووضع لا تحسد عليه،ولربما أصاب جماهير الشعب الفلسطيني نوع من الإحباط أو الانتكاسة.
إن فضل المقاومة العراقية على الفلسطينيين وغيرهم لهو فضل عظيم وكبير؛مقاومة العراقيين هي التي أجبرت البلدوزر على الترجع،المقاومة العراقية هي التي جعلت البلدوزر يعلن وبشكل تبادلي(ولو أنه لم يصرح بذلك) عن وقف عدوانه على الشعب الفلسطيني،وكل اختراق في أي ملف يشغل الفلسطينيين رسميا أو شعبيا يعود الفضل فيه إلى مقاومة العراقيين في بغداد والفلوجة وبعقوبة والرمادي وبلد والقائم وهيت والموصل وبابل والبصرة والنجف،أنا هنا لا أنفي دور المقاومة الفلسطينية فيما تحقق أو يمكن أن يتحقق من اختراقات، ولكن أحب أن أؤكد وبشدة على فضل المقاومة العراقية في إسناد شقيقتها الفلسطينية التي كادت تذهب سدى لولا هذا الإسناد!
الطريف في الأمر أن من اختار الربط بين العراق وفلسطين هو شارون وطاقمه العسكري التلمودي وليس الجانب الفلسطيني، فكانت النتيجة عكس ما تمنى وعلى نفسها جنت براقش،"ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين" صدق الله العظيم.
سري سمور/جنين/فلسطين
عضو تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين
sari_sammour@yahoo.com
17/03/2005