إنتفاضة الأقصى الأولى عام 1929
تاريخ النشر : 22:45 02.06.02

الحلقة الرابعة

إستمرت بريطانيا في سياسة خداع العرب على أمل ان تحصل على فترة هدوء وإستقرار تستطيع بعدها كسر شوكة المقاومة الفلسطينية التي إنتشرت في عموم فلسطين ، فتظاهرت بأنها تعمل على سن قوانين لتحديد أعداد المهاجرين اليهود الى فلسطين ، في الوقت الذي قامت فيه سراً بسن قانون منحت من خلاله للوكالة اليهودية العالمية (Jewish Agency ) حق تمثيل اليهود في فلسطين والتحدث بإسمهم .
كانت تلك فرصة سانحة للوكالة اليهودية العالمية لتنظيم الهجرة اليهودية الى فلسطين بشكل سري ومنظم .
في عام 1929 حاولت مجموعة من اليهود دخول ساحة المسجد الأقصى مما أثار غضب الجماهير الفلسطينية التي تجمعت وتصدت للمحاولة وهاجمت المجموعة اليهودية فتدخلت الشرطة البريطانية لحمايتها وأعتقلت مئات المقدسيين .
وما إن سمع سكان مدينة الخليل بأحداث القدس إلا وخرجوا يهاجمون المستوطنين اليهود في المدينة فقتلوا 66 يهوياً وكانت تلك بداية لإنتفاضة الأقصى الأولى .
وقد كتب مدير الشرطة البريطاني لمدينة الخليل في تقرير يصف فيه الأحداث : " حضرنا الى المكان في وسط المدينة فشاهدت عربياً يريد طعن شاب يهودي بخنجره فصرخت عليه وما إن إلتفت نحوي إلا وسارعت بإطلاق النار عليه من مسدسي فأرديته قتيلاً" .
وهنا بدأت الشرطة ووحدات الجيش البريطانية بمحاصرة القرى والمدن الفلسطينية وأخذت بالبحث عن المجاهدين وزجت بالمئات منهم في السجون والمعتقلات .
اما بالنسبة لليهود فأخذ الجيش البريطاني بتوزيع السلاح على المستوطنات اليهودية وبتسيير سيارات عسكرية ترافق تحركات وتنقلات اليهود لحمايتهم من هجمات المجاهدين في الوقت الذي منعت رسمياً على أي فلسطيني حيازة حتى السكاكين .
في هذه الأثناء تواصل قدوم السفن المحملة باليهود الى موانيء فلسطين وازداد عددهم حيث تم في عام 1931 إحصاء 175.000 يهودي مقابل 880.000 فلسطيني .
وكتب ونتسون تشرشل الذي كان يشغل منصب وزير المستعمرات رسالة يدافع فيها عن إصرار بريطانيا على السماح بهجرة اليهود الى فلسطين يقول : "إن في هجرة اليهود الى فلسطين مصلحة للعالم أجمع ومصلحة لليهود وللسكان العرب في فلسطين كذلك ، فالجميع سينتفع من التقدم والرخاء الذي ستجلبه الصهيونية الى هذه البلاد" .
في نفس الوقت بدأت في بريطانيا حملة إعلامية لتصوير سكان فلسطين من العرب بالتخلف وانهم مخلوقات نصف متوحشة . ووصف مراسل احد الصحف البريطانية وكان يهودياً الوضع في تقرير بعنوان : هنا الله وهناك التقدم والرخاء يقول فيه : "هنا ينقل العربي محاصيله الزراعية على ظهر الحمير والجمال وهناك ينقل اليهود محاصيلهم بواسطة الشاحنات ، هنا يربي العرب الدجاج في أحواش البيوت وهناك يربي اليهود دجاجهم في حظائر ومزارع على أحدث الطرق العلمية ، هنا يبيض دجاج العرب بيض صغير الحجم وهناك يبيض دجاج اليهود بيض كبير الحجم ومنسق الشكل ، هنا الله والجهل وهناك التقدم والرخاء .

إعداد : احمد منصور
الحلقة السابقة
الحلقة القادمة