كـأس الـنرويج عربـياً..
بقلم : نضال حمد ـ اوسلو
بدأت في العاصمة النرويجية اوسلو يوم 25 تموز/ يوليو الجاري دورة كأس النرويج الدولية والتي يشارك فيها أكثر من عشرين ألف لاعب ولاعبة كرة قدم من الشباب الناشئين والأطفال من النرويج والعالم يمثلون 1500 فريق رياضي من الجنسين. في هذه الدورة تصبح اوسلو مدينة لكل الجنسيات، حيث أن الفرق المشاركة عادة ما تكون من عشرات الدول، ويصبح من الصعوبة بمكان التحرك في منطقة الملاعب الخضراء حيث تقام المباريات يوميا بالعشرات، مع أن كل شيء معد ومنظم ومرتب بشكل يضمن راحة المشاركون في الدورة والزائرون الذين يأتون بسيارتهم ودراجاتهم وحافلات نقل خاصة وعامة. وتتوفر في منطقة الملاعب جميع الخدمات الحيوية المطلوبة، من المراحيض العامة حتى مقر صغير للشرطة، ومن الصعب إيجاد نواقص في تحضيرات القائمين على الكأس، فكل شيء مرتب ومنسق ومعد بشكل باهر، فالخيام التي أعدت خصيصا للشركات والجمعيات والمؤسسات المشاركة تنتشر فوق المنطقة الخضراء المعروفة باسم " اكي بيرغ" هذا بالإضافة لعشرات الخيام الأخرى التي أقيمت خصيصا للمناسبة، وتعرض فيها منتجات لشركات ومؤسسات عالمية ووسائل إعلام وأندية رياضية وجمعيات خيرية، كما تباع فيها المشروبات الباردة والفاكهة والمأكولات السريعة، وتقام في ظلها المسابقات والنشاطات الترفيهية.
مفاجأة هذا العام تمثلت بمشاركة فريق عراقي لكن المفاجأة الأكبر كانت برفع العلم العراقي الجديد بين الأعلام التي ترمز للدول المشاركة، ولا ندري من هو المسئول عن تلك الجريمة بحق العراق وشعبه الرازح تحت الاحتلال. فالعلم المذكور رفض من قبل الشعب العراقي ولم يعمل به حتى هذه اللحظة، حتى أن حكام العراق الجدد من العاملين مع الاحتلال الأمريكي أدوا القسم يوم تسلمهم الرئاسة بدونه، وكان العلم العراقي الجديد غائبا عن شعائر التسليم بعكس العلم القديم الذي ظهر خلفهم في الصورة، والعلم العراقي الذي يريده شعب العراق هو القديم وهو معروف للقاصي والداني، لا هذا العلم المسخ.
المفاجأة الثانية كانت باستبعاد فريق يافا الفلسطيني الخاص باللاجئين الفلسطينيين في العراق، حيث كان يجب ان يشارك في الدورة الى جانب فرق فلسطينية أخرى من غزة والضفة الغربية ومخيمات لبنان، لكن السفارة النرويجية في دمشق رفضت منح الفريق تأشيرات دخول الى النرويج بسبب عدم امتلاك الأطفال لجوازات أو وثائق سفر خاصة بهم، بحسب السلطات النرويجية فأن هذا مخالف للقوانين. وكانت سلطات الاحتلال الأمريكي في العراق وكذلك الحكومة العراقية الجديدة رفضوا منحهم وثائق سفر خاصة كي يتمكنوا من التنقل والحصول على تأشيرات دخول إلى النرويج.
غاب فريق يافا عن الملاعب النرويجية ولم تلتق به الجالية الفلسطينية كما التقت ببقية الفرق الفلسطينية في مكان إقامتها في إحدى مدارس اوسلو، فقد جرت العادة ان يلتقي المقيمون بالضيوف من الفلسطينيين في النرويج كل سنة وكل كأس نرويج جديدة ، حيث تقام الأفراح وحلقات الحديث والدبكة الفلسطينية وحيث يتصارع الفلسطينيون فيما بينهم سياسة وكلام وأحلام ، ثم يتفرق الحشد كما التقى، أحباب وأخوة وأخوات، كل يعود إلى مزاولة عمله هنا وهناك، والى أحلامه التي طالت كذلك هناك وهنا.
طبعا لا يمكن لأي لقاء فلسطيني مهما صغر حجمه أن لا يمر على السياسة أو يدخل في تفاصيلها اليومية المملة فأهل فلسطين عشاق سياسة مثلما هم عشاق حرية وهوية، لا يمكنهم العيش بدونها فهم كالسمك لا يحيا بلا ماء، وهم من رواد السياسة في عالم اليوم، يفطروا صباحا وجبة على قناة المنار ويتناولوا الغذاء على محطة العربية والعشاء يربطوه مع الليل الطويل في سهرة على فضائية الجزيرة. وهذا ينطبق على معظمهم كان من المقيم في البلاد أم في المهاجر المتعددة.
لقد اعتادت الجالية الفلسطينية الصغيرة في المملكة النرويجية الصغيرة إن تؤازر وترافق الفرق الفلسطينية وترقص وتدبك وتغني وتشجع حتى الرمق الأخير، حيث ترفع الأعلام الفلسطينية وتشدو الحناجر بالهتافات والأغاني الوطنية، فيلتقي الأطفال والشباب القادمون من مخيمات وبلدات ومدن فلسطين ومخيمات الشتات مع الفلسطينيين في النرويج، وقد لاقت تلك التجارب نجاحات في السنوات الأخيرة. لذا فان الفرق الفلسطينية التي تأتي إلى النرويج تكون مجهزة نفسيا ومعنويا ومحاطة بجدار جماهيري فلسطيني قوي مما يجعلها تحقق نجاحات باهرة في الدورات. فهل هذا العام وهذه الكأس النرويجية ستشهد تحقيق انتصارات فلسطينية جديدة ، هذا ما ستبديه الأيام القليلة القادمة خاصة أن الكأس هذه المرة تمتاز بحدة المنافسة ونوعية الفرق المشاركة.
نضال حمد ـ اوسلو
تاريخ النشر : 21:19 28.07.04