حملة لتصفية العرفاتية في السلطة الفلسطينية
بقلم : نضـال حمد ـ اوسلـو
تقوم السلطة الفلسطينية المحروسة في مناطق قطاع غزة والضفة الغربية بحملة تسريح منظمة ضد قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وبالذات ضد الذين كانوا يحسبون على الرئيس الراحل ياسر عرفات. فموت الختيار أبو عمار عنا من ضمن ما عناه أن كل "الختايرة" الآخرين سوف يلحقون به عاجلاً أم آجلاً. وحكومة "عباس بن أوسلوبَس" مصممة على إنهاء ظاهرة العرفاتية في فتح والسلطة الفلسطينية.
فبدأت اولاً الحرب على قائد فتح السيد فاروق القدومي لكن عندما تبين لهم أن الرجل "أبو اللطف" لازال قويا وله قاعدته في فتح وخارجها، تراجعوا تكتيكيا وأخذوا يستبدلون الوجوه داخل مؤسسات السلطة في الوطن المحتل، وتضييق الخناق مالياً على جناح ابو اللطف الذي يعتبر معارضاً لعباس.
القضاء على العرفاتية اعتبر منذ البداية مطلبا أمريكيا وإسرائيليا منسجماً مع التوجه العباسي الدحلاني، وذلك حرصا من ورثة عرفات على تعزيز مكانة التحالف العباسي الدحلاني في السلطة الفلسطينية على حساب جماعة عرفات والآخرين الذين قد يحسموا أمرهم مع القدومي. لكن لا بد هنا من التذكير بأن الكثيرين من مساعدي عرفات وأعوانه المقربين أعلنوا ولائهم للملك الجديد بعد موت ملكهم القديم، وخذوا مثالا على ذلك رمزي الخوري ونبيل ابو ردينة ...
رغم أن الذين يأخذون قرارات الإقالة والتسريح لقادة الأجهزة الأمنية ليسوا أفضل حالا من المقالين والمسرحين، وأن معظمهم من الطرفين أو المعسكرين المتناحرين هذه الأيام،كانوا في عهد ياسر عرفات قد نهبوا وسلبوا وخربوا في فلسطين وخارجها،طبعا مع استثناءات قليلة ومعروفة لناس شرفاء مع أنهم قلّة قليلة.. فان صراع اليوم يدور بينهما على خلفية الهيمنة والسيطرة، خاصة أن مدرسة الفساد والخراب التي أنجبتهم وربتهم وصنعت منهم جنرالات ووزراء وقادة هي نفس المدرسة التي اغتالت ناجي العلي وحنا مقبل والغفور وغيرهم من مناضلي شعب فلسطين وهي بالمناسبة نفس المدرسة التي انجبت دحلان والرجوب وعباس. وهذه المدرسة خربت وفسدت وأجرمت بحق الوطن والمواطن،مدرسة جاءت بأمثال أبو الزعيم وأبو الطيب ال17 والحاج إسماعيل جبر (كان قائدا للقوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية ولحركة فتح في جنوب لبنان وفر من المواجهة مع الصهاينة من مدينة صيدا سنة 1982، وأول من دخل عائدا عبر اوسلو إلى مدينة أريحا مع عناصر من شرطة سلطة غزة وأريحا) وعتاريس أجهزة الأمن والاستخبارات في غزة والضفة.. مدرسة فساد وخراب واحدة، أنتجت مجموعات ورموز من اللصوص والجنرالات وقادة المصادفة الذين لم يقدموا لفلسطين سوى الخراب وسواد الوجه..
لا يمكننا القول سوى أن الحملة التي بدأت بإقالة الجنرالات والضباط ليست سوى تحقيقاً لمطالب أمريكية إسرائيلية لطالما رفضها الرئيس الراحل ياسر عرفات. ونحن رغم عدم التقائنا مع نهج الرئيس الفلسطيني الراحل وتربيته للفاسدين واحتضانهم وحمايتهم، إلا أننا لا نلتقي أيضا مع مدرسة محمود عباس للمتآمرين والمنتفعين والمستسلمين، مدرسة اللصوص وأصحاب الشركات والاختلاس والتجارة بالوطن والمواطن بحماية إسرائيلية أمريكية.
هؤلاء خربوا الساحة الفلسطينية وفرقوا الصف الفلسطيني ومزقوا الوحدة الوطنية وعصفوا بالتضحيات الشعبية وارتضوا بالحل كما تراه زمرة شارون، وقبلوا بكل ما يخالف رأي شعبهم. وهؤلاء ليسوا أنظف ولا أنقى ولا اطهر من المُقالين فكلاهما نتاج لاوسلو ومدرستها الفاسدة وطنيا وأخلاقياً. ويجب ان لا نهتم بهم ولا نعيرهم وقتنا واهتمامنا لان ما يقومون به ياتي ضمن حملة انقلابات داخلية وتصفية حسابات حركية فتحاوية وسلطوية. فالذي يُقيل والذي تتم أقالته وجهان لعملة واحدة، وكلهم من المخربين الذين امتصوا دماء أبناء شعب فلسطين على مر السنين، فسنواتهم الطويلة في فتح والحركة الوطنية الفلسطينية مليئة يالمحطات السوداء ولم تكن سنوات نضال بل كانت سنوات وباء وعضال عصفت بالحركة الوطنية الفلسطينية. وشعب فلسطين مع فتح الينابيع، فتح الشهداء والتضحيات والقادة العظام، ابو علي اياد وسعد صايل وخليل الوزير وماجد ابو شرار وبلال الأوسط وابو جندل جنين ومحمد لافي رفيق الشهيدة دلال المغربي، ولن يكون مع زمرة اوسلو ومشتقاتها، وفي الختام فلتذهب مدرسة الفساد والخراب برموزها كلهم إلى جهنم وبؤس المصير، فقد ملهم شعب فلسطين ولم يعد يطيق رؤيتهم هم وأسيادهم الذين وضعوا على رأس السلطة نتيجة عوامل خارجية وضغوط وظروف محلية وإقليمية ودولية.
نضـال حمد ـ عضو تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين
23/04/2005