عيد بلا فرح على معبر رفح
بقلم : نضـال حمد ـ اوسلـو

منذ أن تم استهدافه بعملية نوعية عبر نفق نوعي وبطريقة مبتكرة وحديثة جنبت أي مدني الإصابة،وتمكنت من تدميره وإصابة من فيه من الجنود.. منذ تلك العملية الكبيرة لازال معبر رفح بين فلسطين المحتلة والأراضي المصرية مغلقا بقرار من قبل سلطات الاحتلال.

هناك الكثير من أهل غزة ماتوا وهم ينتظرون العودة إلى منازلهم في القطاع، وبالرغم من أن معبر رفح يعتبر الرئة الوحيدة التي يتنفس منها القطاع إلا أنه أيضاً بمثابة مقبرة للأحياء من الفلسطينيين المسافرين من والى قطاع غزة. حيث هناك في وعلى المعبر السيئ الصيت والسمعة يتعرض أبناء الشعب الفلسطيني عامة وأبناء قطاع غزة خاصة لأبشع أنواع وصنوف المهانة والإذلال. وقد قضى القهر والإذلال بالتحالف مع الاحتلال والأمراض على حياة الكثير من الفلسطينيين وهم ينتظرون السماح لهم بدخول الأراضي الفلسطينية عبر معبر رفح.

منذ تمت عملية تدمير القاعدة الأمنية والعسكرية في المعبر لازال الاحتلال يمنع دخول وخروج أي فلسطيني من والى القطاع. طبعا كل ذلك يعتبر من جرائم الحرب لأنها أعمال تأتي ضمن عمليات الانتقام الجماعي من الشعب وليس من منفذي العملية أو الجماعات المسلحة.

يقال أن حوالي 2000 فلسطيني لازالوا عالقين على الحدود حيث يقيمون في العراء وبظروف غاية في المهانة. ولغاية الآن توفي ستة منهم وهم على بعد أمتار أو عدة كيلومترات من منازلهم التي يرونها عبر السياج الشائك والتي تقع خلف حقول الألغام المزروعة على جانب الحدود. ولم تسمح سلطات الاحتلال بدخول جثامين الستة الذين وافتهم المنية على المعبر ، مما اضطر الآخرين لدفنهم هناك حيث ينتظرون.

يحل عيد الأضحى المبارك على الفلسطينيين وهم لازالوا في الحصار أو على المعابر تحت رحمة رجال أمن الاحتلال وفي انتظار الفرج من رب العالمين. لكن ومن الواضح أن الجانب الإسرائيلي غير معني بهم وبعيدهم و بأحوالهم ولا بالظروف الإنسانية التي يعيشونها منذ امتدت يده الإرهابية وقامت بإغلاق معبر رفح الذي هو بالأصل معبر فلسطيني محتل، ووجود الإسرائيلي فيه غير شرعي. لقد جرب الجانب الإسرائيلي مع الشعب الفلسطيني كافة أنواع العقاب الجماعي التي استلهمها من التجارب النازية والفاشية في أوروبا، وكذلك من التجربة العنصرية في إفريقيا حيث كان يحكم سابقاً نظام الابارتاهيد في جنوب أفريقيا.وبرغم أن كافة تلك التجارب لم تنجح في كسر إرادة وصمود هذا الشعب العظيم، إلا أن التيس الإسرائيلي لازال تيساً ينطح رأسه في الجدار الفلسطيني الصلب. ويرفض أن يتعلم من سنن الحياة والدنيا ومن تجارب الآخرين،ويعتبر نفسه غير كل الناس،مع العلم أنه لا يشبه الناس العاديين بشيء. والتيس الإسرائيلي الذي يرفض الاستفادة من تجارب غيره أو العودة إلى زريبته المحمية والمحصنة، مازال يقوم بالاعتداء على الآخرين. وهذا ما سيجلب له نهاية غير سعيدة مثل نهاية التيوس في معبري رفح وكارني.

بإغلاقهم معبر رفح أمام أهالي وسكان القطاع، وبترك المرضى يموتون هناك ببطء، يكون الاحتلال كمن يحفر حفرته بيده، فالمعبر سوف يغدو مصنعاً لاستشهاديين جُدُد، يجددون رغبة هذا الشعب في التخلص من الاحتلال. وكل من يحتجز في المعبر أو بين جهنم والجحيم في معبر رفح لا بد أن يعود بانطباع انه لا مجال للحياة مع وحوش الاحتلال،وان الطريق الوحيد للحياة بعيدا عنهم تكون بطردهم من ارض الشعب الفلسطيني وبخروجهم من قطاع غزة بأسرع وقت ممكن.

إن تجاهل العالم الحر لأعمال الاحتلال الإسرائيلي تلك المخالفة لأبسط الحقوق والأنظمة والشرائع الإنسانية والقانونية والدولية،والتي تحدث وتدون كل لحظة في فلسطين وعلى المعابر والحدود،يجعل طريق الشهادة معبداً أمام كل من يريد تغيير هذا الوضع المأساوي القائم منذ عرفت بلاد الشعب الفلسطيني كيان الاحتلال الإسرائيلي. وقد تأكد الشعب الفلسطيني بعد أكثر من 55 سنة من الاحتلال وخمس سنوات من الانتفاضة وأعمال القتل والأجرام من قبل جيش الاحتلال، بأن الطريق إلى نيل الحقوق واسترجاعها لا يمكن أن يأتي عبر العواصم الأوروبية أو من البيت الأبيض الأمريكي.فالعواصم الأوروبية اجبن من أن تقول كلمة الحق وتؤشر على القاتل بوضوح وبدون التباس، لأنها دول مريضة ومصابة بداء الهلع من شماعة معاداة السامية. أما الطرف الأمريكي فهو عدو للشعب الفلسطيني من دون أن يرغب الشعب الفلسطيني بأن يكون عدواً له.ولا توجد جهة في العالم بعد كيان الاحتلال الإسرائيلي وحكومة الانتداب البريطاني أساءت للشعب الفلسطيني مثلما فعلت الولايات المتحدة الأمريكية بكل حكوماتها من 1948 حتى يومنا هذا.

معبر رفح لا بد أن يتحول في القريب العاجل إلى معبر الكرامة الفلسطينية ولا بد لجند الحقد والقتل والإذلال والاحتلال أن يجرجروا أذيال هزائمهم مثلما حصل في جنوب لبنان قرب بوابة فاطمة. وبين بوابة فاطمة جنوب لبنان العربي ومعبر رفح جنوب فلسطين العربية سوف تكون نهاية الحقبة الاحتلالية الصهيونية.

نضـال حمد ـ اوسلـو
20-01-2005