نيوزلندية ترضع كلبها
بقلم : نضـال حمد ـ اوسلـو

لكن كلاب الاحتلال و الحرب العدوانية لن يصمدوا طويلا،
حتى لو رضعوا من حليب كونداليزا رايس نفسها...


سأل كلب غربي كلب مشرقي : ما هي أخبار كلاب العراق ؟

رد كلبنا المشرقي : أي الكلاب منهم ؟


لدينا وعندنا في العراق أنواع كثيرة من الكلاب، هناك كلاب عربية، وأخرى كردية، وأيضا أمريكية وشبه أمريكية، حيث أن الأمريكية أكثرها سعرنة ووحشية.. وهي بالمناسبة نوعيات وأصناف وفصائل، منها كلاب المارينز والفرق الجوية والبحرية والبرية،كلاب بوش ورامسفيلد وكونداليسا وتشيني.. كلاب سجن ابو غريب وكلباته اللواتي تكلبن على الأسرى بطريقة سادية.

احتار الكلب الغربي لكنه كان بينه وبين نفسه يتساءل عن سر تلك الكلبنة الأمريكية على الشرق الأوسط.. لم يجد الجواب المقنع، ولا السبب المناسب لاحتلال العراق. لذا فضل قراءة الجريدة اليومية حيث كان هناك خبرا غريبا يتحدث عما بلغته الحياة في الغرب وعن مكانة الكلاب هناك.

فقد بلغت الحياة في الغرب حداً لم يعد يمكن إغفاله، فالحضارة الغربية أصبحت تسبح لوحدها في عالم يبيح كل شيء. ويوازي بين رضاعة الأبناء والكلاب، فالتربية واحدة، والعطف الإنساني واحد والاهتمام البشري في أوجه. كما أنه لم يعد هناك فرق كبير بين الطفل والجرو ، فكلاهما يسكن البيت ويتناول الأطعمة المشتراة من أفضل المحلات والمتاجر المعروفة. ولكل منهما يوجد ألعابه وطعامه وشرابه ومكانه، حتى أن الكلاب أصبحت تنافس الأطفال في الحقوق.

ومن نيوزيلندة جاء الخبر اليقين حيث قامت أم بترضيع كلبها أو "جروها" من صدرها، قدمت له حليبها الأمومي بعدما قامت بفطم وليدتها البالغة من العمر شهرين ونصف فقط لا غير. وبهذه الطريقة المبتكرة يؤكد الإنسان نيته العودة الى حظيرته الأولى. فهو بالأساس حيوان لكنه ناطق، سلحه الخالق بالعقل والفكر. فترضيع الكلب النيوزلندي من قبل امرأة يذكرنا بقصة طفل الغابة الذي قامت بتربيته وترضيعه ذئبة. ثم عاش لسنوات طويلة مع الحيوانات في الغابات كواحد منهم.

معروف لنا أن الإنسان المتسلح يما هو مفقود لدى الحيوانات الأخرى ، لم يستغل عقله وفكره للأعمال الخيرة فقط لا غير، فرضاعة الكلب من صدر امرأة ليس جريمة بل حالة ممكنة وتخضع للنقاش وللميزان الإنساني العام. فالبشر يعلمون ان الكلاب أصدقاء أوفياء لهم، وقد ثبت ذلك دائما، فالكلاب أكثر صدقا ووفاء من بني البشر، وهذا ما تؤكده مسيرة الخلق و البشرية و الحياة والحقائق على مر العصور منذ سيدنا آدم حتى يومنا هذا. وقد تعرفت على الكلاب وصداقتها ووفاءها بشكل اكبر من خلال متابعتي للمسلسل التلفزيوني عن الكلب "ليسى" الذي تألق في وفائه ومساعدته للبشر. كما كنت تعرفت على صدق الكلاب وكذب البشر من الكلب "بتهوفن" في الفيلم الكوميدي الشهير. كما كان والدي قد حدثنا عن كلبه الصديق الصدوق الذي قتل بيد الشرطة البريطانية الانتدابية قبل ضياع فلسطين بقليل، فبكاه والدي وقام بدفنه في بلدتنا الجليلية الصفصاف، وظل لوقت طويل يكره قاتله.

للكلاب قصص مثيرة وقد تحدث وكتب عنها القدماء حيث ورد في مؤلف (تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب ) لصاحبه محمد بن خلف ابن المزريان المتوفى سنة 309 هجرية، ويحتمل انه أول كتاب من نوعه في التراث الإسلامي بحسب ما ذكر السيد عبد الرحمن السعيد في مقالة له عن الكتاب. وقد جاء في الكتاب المذكور عن الكلاب ما يلي : " وحدثني إبراهيم بن برقان قال : كان في جوارنا رجل من أهل أصبهان يعرف بالخصيب ومعه كلب له، جاء به من الجبل، فوقع بينه وبين جاره خصومة إلى أن تواثبا، فلما رأى الكلب ذلك وثب على الرجل الذي واثب صاحبه، فوضع مخالبه في أحد عينيه، وعض قفاه، حتى رأيت الرجل قد غشي عليه ودماؤه تجري على الأرض."..

هذا يعني مما يعنيه ان الكلب خير صديق ويستطيع الإنسان ان يجده وقت الضيق. لذا فان المرأة النيوزلندية لم تخطأ حين فضلت مؤاخاة ابنتها للكلب "هاني بوي" عبر الرضاعة، فهي تعتقد ان الكلب سوف يحمي الطفلة في حياتها القادمة. والحمد لله ان ابنة المرأة رضاعة الكلب وكلبها ال "هاني بوي" يعيشون في نيوزيلندة وليس في العراق او فلسطين حيث المجازر والمذابح والقتل بلا محاسبة. فأهالي الفلوجة وقبلها جنين وجباليا ورفح ونابلس، لم يجدوا من يساعدهم في محنتهم سوى كلابهم المنزلية، التي وقفت معهم تواجه كلاب علاوي وكلاب أمريكا. وللعلم فان كلاب الفلوجة حيوانات غير ناطقة بعكس كلاب علاوي وامريكا فهي حيوانات ناطقة، تنطق بلسان الاحتلال الذي يمارس الجرائم العلنية على شعب أعزل تحت رحمة الصواريخ والطائرات والمدافع وقتلة المارينز والمرتزقة. و في الفلوجة تقتل الكلاب التي تجرب مساعدة أصحابها المظلومين والمحروقين بنار جهنم الأمريكية ? العلاويّة. وفي الفلوجة حيث بانت حرية امريكا ووقاحة علاوي صدقت الكلاب وكذب البشر، صمد البشر وصمدت الكلاب، لكن كلاب الاحتلال و الحرب العدوانية لن يصمدوا طويلا، حتى لو رضعوا من حليب كونداليزا رايس نفسها.

نضـال حمد ـ اوسلـو
18-11-2004