عار في غزة
بقلم : نضال حمد ـ اوسلو

ما يحصل في غزة وصمة عار طلاءها اسود ولونها مظلم ودامس، فالذين يسمحون لأنفسهم اختطاف خمسة من الفرنسيين المتضامنين مع الشعب الفلسطيني ،الذين جاءوا حاملين أرواحهم على اكفهم، وخاطروا بحياتهم لنصرة شعب فلسطين ، ليسوا حريصين على الشعب الفلسطيني ومصالحه العليا، ولا هم من المهتمين بالهم الشعبي الفلسطيني، لأن الذي يقتحم مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني في خان يونس ويرهب الناس ويختطف أصدقاء شعب فلسطين، ليس سوى جاهل و معوق سياسيا ووطنيا.

كيف يعقل أن يقوم فلسطينيون بتلك العملية الشنيعة وأبناء الشعب الفلسطيني في بيت حانون على مسافة غير بعيدة عن خان يونس يحاصرون ويذبحون ؟

ان أي شخص يتجاوز المصلحة الوطنية الفلسطينية ويتصرف على عاتقه وينصب نفسه قاضيا يحاسب الفساد والمفسدين أو يختطف الأجانب والمناصرين،لن يخدم القضية الفلسطينية ولن يجلب إصلاحاً لأهالي غزة أو جنين، ولا لمؤسسات السلطة الفلسطينية المتهالكة والتي تعيش بالأوكسجين الاصطناعي.

إصلاح البيت الفلسطيني لا يكون بتعميم نهج الخطف والاعتقال وترويع الناس، حتى لو أن الخاطفين من أنبل المناضلين وأنهم عاملوا المختطفين معاملة حسنة واستخدموهم لمطالب داخلية، هذا لا يشفع لهم فعلتهم تلك وعليهم التوقف عن مثل تلك العمليات المخالفة للقانون وللمصلحة الوطنية، فكيف يمكن للنبلاء وللمقاومين الشرفاء التفكير بخطف أنصار شعب فلسطين من الأجانب. أن هؤلاء المناصرين يقدمون خدمات جليلة ومشرفة للشعب الفلسطيني، وهم من الذين يخاطرون بحياتهم وأرواحهم لأجل إنقاذ حياة وأرواح أبناء وبنات فلسطين في غزة والضفة. فهل يمكن لنا تخيل مجموعة فلسطينية مسلحة وهي تقوم باختطاف الشهيدة الأممية راشيل كورى؟ طبعا لا، فهذا لا يجوز ولا يمكن القبول به أبدا.

أما موضوع خطف اللواء غازي الجبالي والعقيد خالد ابو العلا، فهو مختلف عن موضوع الأجانب تماما،مع انه يدخل ضمن نفس الأفعال المخالفة للقانون والتي قد تكون نتائجها عكسية، وقد تجر لتطورات مشابهة في المستقبل القريب، مما يعني أننا على شفا فوضى فلسطينية عامة، قد تحقق ما جاء في تقرير لارسن.

رغم أن اللواء الجبالي وغيره من جنرالات اوسلو لم ولن يكونوا سوى عاهة على النضال الوطني الفلسطيني وهذا ما أثبته الانتفاضة الثانية وتجربتها المستمرة، بغض النظر عن دورهم في فتح والمنظمة ما قبل العودة الى غزة من بوابة اوسلو- رفح. فيكفي المشهد الذي مازال ماثلا أمامنا و صور المقتنيات الثمينة والثروة التي صادرتها قوات الاحتلال من ثلاجة اللواء الجبالي أثناء حملة السور الواقي. وزرغم هذا وذاك إلا ان طريقة خطفه ليست صحيحة، وعلى الخاطفين توجيه رسالتهم بلغة أفضل وأقوى للرئيس الفلسطيني الذي لازال متمسكا بالجبالي وغيره من الجنرالات.

ان تفرد مجموعات معينة بمحاسبة أي كان في فلسطين المحتلة و بشكل غير قانوني لا يبشر بالخير، لأن في الموضوع روائح تصفية حسابات داخلية، وهذا لا يحل مشكلة شعب فلسطين مع الفساد والمفسدين. أما الخطير في العمليات التي حصلت اليوم في غزة توقيتها لأنها جاءت مباشرة بعد تقرير لارسن الذي تحدث عن انفلات وفوضى وفساد ووضع آيل للسقوط في مناطق ومؤسسات السلطة الفلسطينية، وقد حمل لارسن عرفات مسئولية ذلك.

أن الذي يطالب بمحاسبة الجبالي ليس وحده لأن كل فلسطيني شريف يؤمن بتلك المحاسبة ويقف معه في مطالبه، لكنه يؤمن أيضاً بمحاسبة السلطة كاملة وليس بعض جنرالاتها. ويؤمن بأن على المحاسب ان يحاسب بقية المسئولين عن الفساد من أهل اوسلو لأنهم كلهم في سلة فساد واحدة ومن صنع مدرسة فاسدة واحدة. ثم ان هناك منهم من ينسق عمله بشكل علني مع أطراف وجهات خارجية. وهناك من هم اخطر من الجبالي ويمارسون أدواراً مشبوهة، ويُوجهون من أطراف وجهات خارجية. فهل مطلوب أن يتم اختطافهم والطلب منهم الكف عن تصريحاتهم وتصرفاتهم التي لا تخدم القضية الفلسطينية ؟

المطلوب فعلا هو مباشرة الإصلاح الحقيقي شاء الرافضون للإصلاح أم أبوا، وهذا لا يتحقق سوى بالانتخابات والوحدة الوطنية الحقيقية قاعدة وقيادة وشعب ومؤسسات وفصائل وشخصيات وجمعيات، لأن ما يحدث في غزة عار وعلى أبناء شعب فلسطين رفض تلك الحوادث وأتحاذ موقف منها، قبل ان تتسع وتمتد لتطال الظالم والمظلوم معا. وهي أيضا مناسبة كي يخرج الشعب الفلسطيني إلى الشوارع مطالبا بحل السلطة الفلسطينية و بتشكيل جبهة وطنية عريضة تضم كافة الأطر والفصائل والمؤسسات والشخصيات والجمعيات والهيئات الوطنية الفلسطينية، وذلك عبر الانتخابات وصناديق الاقتراع وعلى خلفية برنامج الانتفاضة والمقاومة من اجل هزيمة ودحر الاحتلال وإزالة الاستيطان وعودة اللاجئين.

نضال حمد

تاريخ النشر : 00:03 17.07.04