شبح غاضب وفلوجة عصيّة
بقلم : نضـال حمد ـ اوسلـو

تسمية الشبح الغاضب للعملية الأمريكية ال "علاوية" في الفلوجة مستوحاة من التسميات الصهيونية، وأهدافها ليست بعيدة عن الأهداف الصهيونية ولا هي قريبة من التسميات المنطقية. لأنها تحمل في عباراتها إرهابا لغويا ومصطلحا همجيا ربط بين الشبح والغضب، شبح عرفه العراقيون في حروب أمريكا ضدهم عبر طائرة الشبح وما فعلته صواريخ أمريكا في ملجئ العاملية وغيره من الأماكن العراقية، وآخر عرفوه في سجن أبو غريب كما و شاهد صوره المذلة العالم أجمع.

أما الغضب فهو على المقاومة العراقية والشعب العراقي ومدنه التي حمتها وقدمت لها العون في سبيل طرد الاحتلال ومن يعمل معه من الحيوانات العراقية الناطقة. هذا الغضب الأمريكي لن يزيد العراقيين سوى غضبا على الاحتلال وتمسكا بوطنهم الأصيل، وطن المنصور والرشيد. لذا فان عمر الاحتلال لن يطول ولن تطول فترة حكم ازلامه الذين عادوا بفضل دباباته وطائراته وعدوانه. وأول الغيث قطرة كما يقول المثل العربي ، فها هو الحزب الإسلامي العراقي ينسحب من حكومة علاوي، وها هم علماء السنة في العراق يطالبون بفتوة "سيستانية" تحرم على الشعية المشاركة في الهجوم على الفلوجة وأخواتها من المدن السنية العراقية.

عدوانية عملية الشبح الغاضب تذكرنا بعملية عناقيد الغضب التي قامت بها حكومة شمعون بيرس ربيع 1996 ضد الأراضي اللبنانية والشعب اللبناني. فقد قام الجيش الصهيوني بتلك العملية الهمجية الدموية في جنوب لبنان ضاربا عرض الحائط بكل القيم الإنسانية والقوانين الدولية، حيث تكللت العملية الغاضبة بغضب الطائرات الصهيونية الأمريكية الصنع، التي صبت صواريخها على المدنيين اللبنانيين في مقر قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة في بلدة قانا الجنوبية، فكانت المجزرة البشعة التي لازالت ماثلة في الأذهان. وفي الفلوجة العراقية حيث تقاوم المدينة كل أصناف الإرهاب الأمريكي من البر والبحر والجو، ارتكبت القوات المهاجمة أعمالا غير شرعية ومخالفة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، إذ قامت بالاعتداء على المستشفيات وقصفها وقتل وجرح واعتقال كل من تصادف وجوده فيها. وفي الفلوجة وحدها اعتدى الأمريكيون على مستشفيين وأرهبوا الناس فيهما بعد ان صرعوا بقصفهم كثير من المدنيين. وقد ترافقت العمليات الحربية مع إعلان إياد علاوي رجل أمريكا في بلاد الرافدين حالة الطوارئ في كل الأراضي العراقية باستثناء اقيلم كردستان الذي يعتبر من وجهة النظر الكردية محررا وخارج عن نطاق سيطرة حكومة بغداد ويخضع لنفوذ حزبي الطالباني والبرازاني الكرديين، بانتظار إعلان دولة كردستان العراق المستقلة عندما يحين الوقت لذلك. كما أعلن علاوي حظر التجول في العاصمة بغداد. يريدون ان يصبح العراق بلدا مظلما وبلا أنوار سوى أنوار قنابلهم وطائراتهم.

المدن العراقية التي تقاوم الهجوم الأمريكي لم تكن مدنا عاصية لكنها كانت مدنا محررة بالفعل لأنها لم تكن تقع تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي والإدارة المعينة من قبله، فقد استطاعت تلك المدن كنس الاحتلال وأتباعه منذ بداية الاحتلال وانطلاق المقاومة من الفلوجة. وقد أبدت تلك المدن قدرة كبيرة من الصمود والتحدي جعلت المستقبل الأمريكي في العراق والشرق الأوسط على المحك. لذا فان إعادة انتخاب الرئيس بوش لولاية ثانية عجلت إمكانية الحسم العسكري وجعلته خياراً مفضلاً للإدارة الأمريكية لفرض سلطان بوش و هيبة علاوي على تلك المدن الثائرة والمحررة. وقد حشدوا لذلك جيوشهم وعتادهم وإعلامهم وجهزوا للمعركة بإعلان حالة الطوارئ وبقصف المستشفيات ومحاصرة المدن من كل اتجاه. لكن حقيقة الإرهاب الذي يدور ويمارس بحق أهالي تلك المدن سوف تظهر عندما ينجلي غبار الحرب وتظهر الصورة جلية وواضحة، مبينة حجم وشراسة الهجمة الحاقدة، وأعداد الضحايا من المدنيين وحجم الدمار الذي لحق أو سيلحق في البنية التحتية.

نضـال حمد ـ اوسلـو
10-11-2004