لم يكد يمر وقت قليل على مجزرة الشجاعية في قطاع غزة حيث كانت طائرات الاحتلال الصهيوني تقصف معسكرا صيفيا للفلسطينيين مما أدى الى استشهاد وجرح العشرات منهم، حتى تناقلت وكالات الأنباء خبر مجزرة جديدة ارتكبتها قوات الاحتلال الهمجي الأمريكي في بلاد الرشيد، وبالذات في مدينة الصدر، حيث لا تفرق الجيوش الغازية بين البشر والحيوانات، فهي مثل السموم تبيد الجميع. وفي هذه المذبحة الجديدة استشهد أكثر من أربعين عراقياً بالإضافة للجرحى.
نعرف ان عدو هذه الأمة العربية المنتوفة الشعر والشعارات واحد، وأن قتال الفلسطيني للصهيوني في ارض الرباط هو كما قتال العراقي للأمريكي وأعوانه في ارض السواد. وأنه لا يمكن تجزئة مشروع أمريكا وإخراجه من دائرة المشروع الصهيوني الكبير، ففي نفس الفلك الصهيوني دارت حرب العراق وقبلها حرب أفغانستان، وحروب فلسطين المستمرة بلا هوادة.
لأن مشروع إسرائيل الكبرى لم يصل لنهايته بأيدي الصهاينة وحدهم ،اصبح واجبا على الاستعماريين المتصهنين استدعاء تدخل جيوش امريكا واعوانها من الأذناب الأوروبيين والعالميين. فجاءوا واحتلوا العراق بالحرب بعدما كانوا اخذوا معظم جواره بالسلم. وها نحن نراهم اليوم وهم يعبثون بمقدرات وثروات وبلاد وخيرات هذه الأمة العربية الممزقة بفضل حكامها وحكوماتها الجالسة على العروش مع جيوش لا هم لها سوى تربية الطيور والدواجن والحشرات في مخازن سلاحها وعنابرها ومهاجعها. وتلك الجيوش التي لا تصون ولا تحمي اوطانها لا يمكنها ان تسمى جيوشا لأنها ليست أكثر من تجمعات للعاطلين عن العمل وللذين فقدوا الأمل. وهكذا هي الآن أوضاع أمة الفاروق وسيف الله المسلول والحسين والعادل و الناصر ، أمة بجيوش عاطلين عن الحياة، وبجيوش لمفتقدي الايمان وفاقدي الأمل، أمة على هامش السيرة، لا يراها الآخر سوى جماعة من الخدم يرعون ويخدمون مصالحهم. وهي بالفعل كذلك، لأنها أصبحت مرتعا للغزاة ومسرحا لأعمالهم السوداء، فصاحب البيت أصبح عبدا والغازي يتصرف كأنه صاحب الدار.
هل كان للصدر ظهرا يستند إليه في ثورته ضد الغزاة ؟
لم يكن للصدر من ظهرٍ قوي سوى العراق ، لكن العراق يئن من ثقل أحماله وصار مثخناً بالجراح، فقد تركه أهل الحوزة عرضة للمؤامرة التي شارك بها بعضهم مع أمريكا وأذنابها في الحكم العراقي الجديد ضد الصدر الشاهد الشهيد. ورغم هذا بقي جيش الصدر المهدوي المنتظر ينتظر الحوزة والمرجعيات وفتاوي الآيات وهو يذود بما ملكت ايمانه من سلاح عن قبر الامام والخليفة علي بن ابي طالب(كرم الله وجهه) أول رواد الجنة وأول أبطال الإسلام الذي ضحى بنفسه لحماية الرسول الأعظم. حتى قصف قبر الإمام لم يوقد النيام، مما جعل الأمريكان والأعوان يتطاولون أكثر على القبر والمقدسات ،ومما جعل اياد علاوي يتطاول على قدسية الصحن الحيدري!
أما في فلسطين حيث يتواصل الكفاح الفلسطيني يوميا بلا كلل أو ملل لازالت جماهير الشعب الفلسطيني تقاوم بما لديها من إمكانيات بسيطة لا تقارن بإمكانيات جيش الإرهاب الصهيوني، ورغم الفتك الصهيوني المستمر إلا أن المقاومة الفلسطينية استطاعت خلال الفترة الأخيرة تقديم دلائل هامة على انها لازالت حية وموجودة بفاعلية وأنها قادرة على ضرب العمق الصهيوني وتفجير الحافلات وقصف البلدات. وفي هذا اشارات مميزة لجهات معينة، ويعني من ضمن ما يعنيه ان باستطاعة المقاومة تحديد وتوقيت عملياتها وفق رؤيتها وحسبما تريد.
ان المجازر التي تتكرر يوميا في العراق وفلسطين يجب ان تكون عبرة للعرب لأنها ليست وليدة الصدفة بل مدروسة وتأتي ضمن برامج أعدتها دوائر الاحتلال في البلدين الشقيقين، لذا فالمقاومة في كلا البلدين المحتلين واحدة والعدو بالتأكيد واحد ولا فرق بين الصهيوني والأمريكي فكلاهما يفعل ويقتل بالشعبين ويدوس بجزمته على العرب والعروبة. والاحتلال في العراق نسخة عن الاحتلال في فلسطين ووسائلهم متشابهة حتى في المذابح والمجازر.
نضال حمد ـ اوسلو
تاريخ النشر : 04:38 08.09.04