مـحمد رمضـان

زغاريد أمهات الشهداء و شكوى شارون لعمر سليمان
بقلم : محمد رمضان


ذكرت بعض الصحف العربية و الغربية في الأيام الماضية بعض التفاصيل التي رشحت بعد اللقاء الأخير بين شارون و عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية, حيث يبدو أن مصر لا تزال تساورها شكوك حول مدى جدية الكيان الصهيوني في خطته للانسحاب من غزة. و خلال هذا الاجتماع وجه عمر سليمان سؤالا لشارون :
        ما هي الأسباب التي دعتك لطرح خطة الانسحاب من قطاع غزة؟؟

أجاب شارون بنوع من التفصيل حول ما أسماه بالحرب مع الفلسطينيين و تناول قضايا مختلفة اقتصادية و سياسية و أمنية و لكن الشيء الأكثر إثارة هو حديثه عن زغاريد النساء الفلسطينيات خلال أعراس الشهداء, و كيف أن سقوط قتلى في أوساط الفلسطينيين، لا ينتج عنها التأثير النفسي الطبيعي في مثل هذه الحالات بل ما ينتج هو النقيض تماما لما هو متوقع, حيث إن الفلسطينيين لا يعرفون قيمة للحياة البشرية و ذلك حسب قوله، ولذلك فإن سقوط قتيل لديهم لا يحدث رد الفعل الطبيعي في هذه الحالات، وبدلا من الحزن، أو الاتعاظ، نجد النساء يخرجن ويزغردن ويهللن و يغنين للشهيد، وكل ما يحدث حين يرتفع عدد القتلى في صفوفهم هو أن عدد النسوة اللواتي يزغردن يزداد ويتكاثر. إن رد فعلهم يؤجج الانتفاضة بدل أن يقمعها". إلى هنا تنتهي إجابة شارون.

الملفت في هذه الاجابة هو فهم شارون و الساسة اليهود المتأخر لطبيعة الصراع الدائر في المنطقة, و كم نتنمنى أن ينقل شارون هذا الاستنتاج إلى سادته أو خدمه في البيت الأبيض. ان رأس الحربة الامريكية في المنطقة قد فهم تماما استحالة هزيمة النساء, فما بالك بالرجال الأشاوس الذين يحملون أرواحهم على أكفهم و يقطعون الأهوال و يحفرون الخنادق و يتحدون السجن و السجان, و ينحتون في الصخر السياسي الدولي بأظفارهم, و يصنعون الصواريخ التي هزت الكيان كله, و يقفون كالشم الرواسي لا يهمهم من خالفهم, هم مع الله و الوعد المكتوب, لكن القليل من أمتنا يعلمون!!! لسان حالهم يقول : يا ليت قومي يعلمون!!!
و شارون هو صاحب نظرية القضاء على الانتفاضة خلال مئة يوم, فإذا بالانتفاضة تجعله يلهث من أول مسافة في السباق.

إذا كانت زغرودة امرأة صامدة عظيمة قد جعلت الطواغيت يحسبون لها هذا الحساب, إنها لذة الرباط في أرض الرباط لا يستشعرها إلا من ذاق شهدها بقلبه و روحه, إنها اللذة التي لا تدانيها في هذه الحياة متعة, إنها لذة المجاهد يحمل همه و حزنه و أمته في قلب يسع الكون شموخا و تحديا. و لعمر الحق إن أمة بها امرأة كهؤلاء و تعدل آلاف الرجال من أصنام العصر لهي أمة منصورة طال الوقت أم قصر.
إن امة بها امرأة تطلق زغرودتها و هي تودع ابنها إلى الجنان العلا, لهي أم تشربت و بحق إيمانا صادقا و إخلاصا لا يكاد يدانيه إخلاص الأوائل من أمة ملكت الدنيا من أقصاها إلى أقصاها.

إن أمة بها أم كأم الشهيد محمد فرحات و آيات الأخرس و ريم الرياشي و غيرهن الكثيرات, هي أمة تستحق الحياة و لكن أكثر الناس لا يعلمون!!! إنهن اللائى يفرشن الأرض بأرواحهن و يعطرنها بعبق الجنة المتدفق من قلوبهن الممتلئة تضحية و استبسالا.

فلا نامت أعين الجبناء....
و لا نامت عينك يا شارون..... فوالله إن المخزون الاستراتيجي من هذه الزغاريد التي تحرمك النوم و التي يمتلكها شعب فلسطين لهو مخزون أبدي لا ينفذ... أرأيت البحر ينفذ... إذا ما أخذت منه كوبا من الماء أو كوبين.... و كذا زغاريد أمٍ تلثم ثرى الأرض المباركة...


محمد رمضان ـ فلسطين
تاريخ النشر : 18:10 29.07.04