العـصـفورة
بقلم : محمد رمضان

تلبدت السماء بالغيوم الكثيفة المتراكمة فوق بعضها البعض و اكفهر وجهها الأزرق الجميل حتى غدا قاتما و خبأت الشمس وراءها فلم يعد لها من وجود في عيون "فراس" الذي يقف على أعتاب ربيعه السابع . سأل "فراس" أمه: - أين ذهبت الشمس يا أمي؟؟ - غطتها الغيوم - لماذا؟؟ - لأن الدنيا ستمطر إن شاء الله تهلل وجه "فراس" فرحا, و تمسمر على شباك غرفته الزجاجي و أخذ ينتظر هطول القطرات الأولى لمطر هذا العام, هاهو المطر ينهمر و يقفز "فراس" في غرفته مسرورا, و يصرخ مناديا أخوته ليشاهدوا الأمطار تعزف أنشودة السماء "فراس" يحب المطر و الماء المنساب على زجاج شباك غرفته يحاول إمساك قطرات الماء أو ملامستها بيديه من وراء الزجاج لكنه لا يحوز منها شيئا.. يرى عصفورا صغيرا يقف على الشباك يحاول أن يداري نفسه من غزير المطر المتساقط و هو يغني أنشودة الخير و فرح الأرض... ريشه الجميل مبلل بالماء يضم العصفور عنقه إلى صدره كأنما يحن إلى صدر حنون يفتح عينيه نصف فتحة يراقب رذاذ الماء المتناثر حوله ينتفض العصفور الصغير فتتطاير درر الماء من على ريشه الحريري لتهبط إلى الأرض مع حبات المطر فتزيدها جمالا إلى جمالها كأن العصفور ينتظر أن تنتهي السماء من مطرها ليهتبل فرصة الهرب إلى حضن أمه الدافئ.... يصرخ "فراس": - سأفتح له الشباك يا أمي - لماذا يا بني؟ - لأقيه الماء, ثم أطلقه إذا ما توقف المطر - دعه يا بني, سيطير إلى بيته بعد قليل - و هل له بيت يا أماه؟ - نعم يا ولدي, فكل العصافير لها أعشاش كما كل الناس, فهل هناك أناسٌ يا ولدي ليس لهم بيوت؟ - نعم يا أماه - من يا ولدي؟ - الذيـن هـدم "اليـهود" بيـوتهم!!!!
محمد رمضان ـ فلسطين-غزة
mohammadramadan2000@yahoo.co.uk

20.11.2004