مـحمد رمضـان

اسم الطالب : الشهيد خالد محمد عبدالله
بقلم : محمد رمضان


وصل خالد إلى مدرسته في اليوم الأول من السنة الدراسية, جلس في المقعد الثالث, وضع حقيبته البالية إلى جانبه, ينتظر أن يأتيه مربي الفصل ككل عام يطلب منه رسوم المدرسة, و هو لا يعرف بعد, كيف أو من أين سيحصل عليها, لقد مضت على أبيه عدة أعوام و هو عاطل عن العمل, و ينتظر بفارغ الصبر كوبونا من هنا أو هناك لا يسد من الرمق إلا القليل... يفكر بجد... ويقول لنفسه :

-   اترك المدرسة يا فتى و اعمل في ورشة أو مطعم ...
-   و من سيهتم بأمك و أبيك و اخوتك الصغار غدا ؟؟
-   و هل تنتظر الحياة حتى يكبر أخوتك ؟؟
-   ربما تستشهد أيها الشقي مثل أصحابك الذين سبقوك؟؟
-   و هل هذا الوجه وجه شهيد ؟؟
-   نعم انه يبدو كذلك, لقد حدقت به كثيرا في المرآة !! إنه تماما يشبه
    وجه محمد الدرة !!!
-   بل الشهداء يختارهم الله, كالأنبياء تماما ...
-   و لماذا لا يختارك الله مثلهم ؟
-   أوه لا تحلم أكثر أيها العفريت الصغير.... دع الأمور .....

و بينما هو كذلك, لفتت نظره الخرابيش الكثيرة التي تملأ المقعد, أخذ يدقق في بعضها.... علم فلسطين يزين المقعد...و يرتفع شاهقا في سماء القلب ....
قرأ "فلسطين وردة حمراء....... لا يرويها إلا دم الشهداء"
"فلسطين عربية حرة"
"القدس لنا"
و شعارات أخرى كثيرة يحفظها لكنه من كثرة الخرابيش لا يستطيع أن يقرأها و هاهو يحاول فك ألغازها......
برغم صغر سنه إلا أن شريطا طويلا مر في مخيلته.... فلسطين... القدس...الفالوجة.... المقاومة.... الشهداء.... الدم.... الجرح.... المستشفى... المسجد.... الصلاة على الشهداء....جنين... بيت حانون.... رفح.... المسجد الأقصى.... كنيسة القيامة... القسام.... الحسيني.... أحمد ياسين.... عبد العزيز الرنتيسي.... يحيى عياش... صلاح شحادة...ثابت ثابت .... جمال عبد الرازق.............. وهنا أخرج دفتره الجديد ليكتب اسمه عليه .. أمسك دفتر الحساب و كتب ......

هنا دخل المدرس الفصل, شرح درسا جديدا في الحساب "مقياس الرسم" و أخذ يعطي أمثلة متعددة, و رسخت في ذهن التلاميذ عبارة "المسافة على الأرض كذا.... و المسافة على الخريطة كذا....."
سرح خالد في ما يشرح الأستاذ....يا الهي ... حتى هنا و في درس الحساب... الأرض ... و الخريطة... وطول سارية العلم.... و ظل العلم... و ارتفاع شجرة الزيتون... و شجرة اللوز... و نابلس .... و جنين .... و الخليل.....
ثم طلب المدرس من التلاميذ حل المسألة التالية :
"أنت تسكن في رفح وتريد الصلاة في المسجد الأقصى احسب المسافة الحقيقية بين رفح و القدس معتمدا على الخريطة المبينة في الشكل"
أنهى خالد حل المسألة الحسابية بسرعة خاطفة,
توجه نحو المدرس للتصحيح
بدت على المدرس علامات الدهشة و هو يسير مع الحل خطوة خطوة, ولكنه يقرأ في نهاية الحل :
" المسافة بين رفح و بين القدس ألف حاجز و حاجز"
و "المسافة بينا و بين القدس ألف ألف قسام"
و"هي حياة طويلة, إن لم نقض شهداء"
رفع المدرس عينيه..., نظر للتلميذ... و قال :
رائع, ما اسمك يا فتى ؟؟
يتلعثم الفتى قبيل الاجابة,
لا ينتظر المدرس الإجابة, يقلب الدفتر المدرسي و يقرأ لكنه تزداد دهشته حينما يجد مكتوبا على طابع الغلاف :

اسم الطالب : الشهيد باذن الله خالد محمد عبدالله
أسم المدرسة : شهداء مجزرة رفح
الصف : القسام (4) وان شاء الله العام القادم "القسام 5"
المادة : حساب الشهداء و الوطن

محمد رمضان ـ فلسطين

تاريخ النشر : 18:44 17.08.04