نور وظلام والبعد العاشر
بقلم : محمد رمضان


  (1)
صحت من نسمات نومها, نظرت حولها, ظلام دامس يملأ الأرجاء, أحست بوحشة الوحدة, أغمضت عينيها باحثة عن بقايا نوم في سلة أحلامها الوردية, حاولت التزلج على جليد النعاس, لم تستطع الوصول إلى الهدف, قفزت من سريرها الغاضب, فتحت النافذة, وجدت حمامة صغيرة تبني عشا لها من أغصان الزيتون, هجم النور من النافذة مارا بعش الحمامة, و بدد الظلام, تنفست و بشراهة نسائم الحمام و هي تبحث عن البعد العاشر.

  (2)
مشت على شاطئ البحر الذهبي, أوقفتها موجة ذات عينين زرقاوين و سألتها : إلى أين؟؟ قالت في أرض الله, أبحث عن رملة ضاعت!! قالت الموجة و هي ترسم على شفتيها ابتسامة: و كل هذا الرمل لا يكفيك!! لقد أمضيت آلاف السنين و أنا اجمعه, قالت: ابحث عن رملة لها قبة ذهبية, قالت الموجة و هي ترش رذاذها المعطر على الشاطئ : رملتك تلك حملها "مروان" إلى الجبل و هي تبحث عن البعد التاسع.

  (3)
استيقظت البرتقالة من نومها في آذار, بحثت عن جارتها الزيتونة, لم تجدها, صرخت بأعلى صوتها : أين جارتي؟؟ ردت عليها العصافير الحزينة : استشهدت قبل أيام, حيث اجتثتها جرافتان من صناعة أمريكية تعملان بنفط عربي على امتداد البعد الثامن.

  (4)
مر ذئب بالأرض العربية, وجد الفقر و الجوع و المرض و القتل و أمريكا يسيطرون على كل شبر فيها, نزلت على خده دمعتان, قال : ألا يعرفون الدواء؟ ردت عليه غمامة في السماء : بل يعرفون, قال الذئب و لماذا يسكتون؟ قال البحر: "دوده من عوده" أيها الذئب و ابحث عن الباقي في البعد السابع .

  (5)
وقف "خالد" على نهر اليرموك, و لسيفه صهيل نحو الجنوب, سأل خالد السيف: ما هذا؟؟ قال : سيأتي بعدكم قوم يشترون السيوف بالذهب, و يحملونها كالخشب, حتى يصيبها العطب, بدون عمل و لا تعب, قال خالد و أين هؤلاء؟ قال السيف: في البعد السادس.

  (6)
سألت الزيتونة الجريحة أمها : أين أخواتي, أرى في شجرة العائلة أن لي اثنين و عشرين أختا, قالت لها الأم : هذه زوائد دودية و نبحث عن طبيب يستأصل هذه الزوائد ليعود الكل إلى الأصل في البعد الخامس.

  (7)
قالت درر الندى وهي ترش ثوب شجرة الزيتون بعطرها : أرى بوجهك الحريري دموعا, هل لي أن أمسحها؟؟ قالت الزيتونة : أنت تمسحين عني التعب, أما الدموع فأنا في انتظار (عمر و صلاح) و قد قيل لي أنهما قادمان إلىَّ في البعد الرابع.

  (8)
سأل "الخوارزمي" الشمس يوما: كم من الأبعاد لك ِ؟؟ قالت: ثلاثة كما هي كل الأجسام في "الفراغ", قال: لكني أرى هنا عشرة أبعاد, قالت الشمس: هذه هي أبعاد "الوهم", قال: وما علاج الوهم؟ قالت: الاستئصال, قال: و أي بعد هذا الذي نحن فيه, قالت : البعد الثالث.

محمد رمضان ـ فلسطين

تاريخ النشر : 19:40 16.09.2004