بكائيات رمضانية (2)
بقلم : محمد رمضان


فادي....
في بكائيات رمضانية أبكاني, و زاد شوقي و أشعل النار بين أضلعي, فرأفة بأخيك يا فادي, و رأفة بدموع ما عادت تجف في المقل, و لكن الأرض تأبى إلا أن تزرع الحزن فينا, و معها حق, لأننا أحببناها و "المحب لمن يحب مطيع", أحببناك يا جرحنا, أحببناك يا روحنا, أحببناك يا دمنا....

فادي....
عرابة بيتي, كما القدس, و غزة و جنين و حيفا و يافا و اللد و الرملة و أم الرشراش و نابلس و المجدل ..... و كل حبة رمل من وطني هي مدينتي و قريتي و بيتي و غرفتي و سريري و فراشي و وسادتي.....

فادي....
ما زلت مصرا أن تطوِّفني في ربوع الوطن أولا, و بعد أطوِّفك في روح الوطن, و في قلب الوطن, و في دماء الوطن التي تسري في عروقنا كما الماء في جداول و غدران تفوح منا رائحة المسك في أرجاء الكون....

فادي...
البيت بيتي و الجرح جرحي
و النزف نزفي
نحن لا نبكي الدموع
فالدمع بات يبكينا
و من حزن و من ألم
لم تعد تقطع في لحمنا السكينة
لحمنا غدا عصيا كما هو الدم فينا
بلادي و إن غدا جرحها بحرا
غداً يفوح منه المسك فينا
هذي جبال لا تهزها شرذمة
نبتت كعوسج في دمنا
غريب في دمنا عوسجهم
و أقمار الفجر تنادينا
و الشنار النائم في زيتونتنا
ما زال يهدهد أفراخا
تستلذ مكثا في شهد النوار
في أعشاش عصافير
ما زال بيضٌ فيها
تخبئه جدتي في فيها
تأبى أفراخ فيه
أن تخرج للدنيا
ما دام ظل العوسج فيها
من يخرجها أفراخي
من بيض شاخت فيه
يا عصفوراتي
أمي ترجوكم
جدي يرجوكم
أرضي ترجوكم
أزهاري ترجوكم
بحري يرجوكم
رملي يرجوكم
موجي يرجوكم
زيتوناتي ترجوكم
برتقالاتي ترجوكم
انهضوا من قوقعة شاخت
كلوا الدود
أكنسوا الأرض
أشطفوا البيت
أفرشوا الورد
عودوا للعش
ناموا في حضن الجدة
في الدفء النائم في ثوبها المطرز
بريح الأرض
بروح الأرض

القدس و الشيخ الباكي فيها
و بغداد و زهرات تذبح فيها
و الفرات و الماء و النار
و أعراب باتوا يلعقون الذل
بموعد و بغير موعد
لا ينامون الا بهوان
لا يستيقظون الا بهوان
فإلى متى يا أعراب؟؟

فادي ....
في انتظارك و فراشتين تحملانا في نسيم البحر الآتي من صوب الدم المسكوب في كأسين من عطر وندى كانا بانتظارنا بالأمس حينما نسينا أن ننام من فرط الحب و الهيام, في ظل زيتونة...

محمد رمضان ـ فلسطين
mohammadramadan2000@yahoo.co.uk
تاريخ النشر : 19:12 10.09.04