توازن الرعب و الشيخ الشهيد أحمد ياسين
بقلم : محمد رمضان


أدخلت المقاومة الفلسطينية مصطلحات جديدة في ابجديات العمل اليومي المقاوم من حيث دخولها مرحلة جديدة, تختلف جذريا عن المراحل السابقة من نواحي عجة أهمها : تطوير تكنولوجيا الصناعة العسكرية محليا و بمواد أولية رخيصة و متوفرة, اضافة انخراط شرائح متعددة في العمل المقاوم, و اخيرا و ليس آخرا زرع "الرعب" في قلوب بني صهيون على مستويات متعددة ابتداء من القادة و انتهاء بالمستوطنين الأوغاد.


الشـيخ الشهـيد
سأل صحفي يوما الشيخ الشهيد أحمد ياسين حول جدوى اطلاق صواريخ "قسام" على المستوطنات في قطاع غزة و كذلك على مستوطنات سديروت في النقب الغربي و غيرها خصوصا انها لا تسبب تلك الاصابات و الخسائر التي من الممكن ان تؤثر في دولة تملك قوة رادعة مقارنة بالقوى الاقليمية المحيطة. فكان جواب الشيخ الشهيد يتمحور حول نقاط ثلاثة-

أولاها : انه اذا حدثت خسائر فبها و نعمت.

و ثانيها : وهو انه اذا لم تحدث خسائر فإن هذا يسبب رعبا و ازعاجا للحكومة و المواطن على حد سواء خصوصا أن أمن المواطن هو أحد أهم الأهداف التي تحرص عليها الحكومة, ومن هنا فإننا ننزع ثقة المواطن بحكومته, وعليه فاننا نحقق ما يسمى بتوازن الرعب.

أما الأمر الثالث : فهو لماذا لا يكون لدينا صواريخ من هذا النوع نستخدمها وقت الحاجة و تكون لدينا القدرة على تطويرها.

يحمل جواب الشيخ الشهيد هنا بعدا استراتيجيا و هو "توازن الرعب" و هو يختلف اختلافا جذريا و كليا عن ما يُسمى ب "توازن القوى" و هو المصطلح الذي كان سائدا بدرجة كبيرة في عقود الستينيات و السبعينيات و ربما بعد ذلك.

و ما يهمني هنا هو هذا المصطلح المسمى ب"توازن الرعب" الذي شاع في الآونة الأخيرة و لدرجة كبيرة و قيام فصائل أخرى بتطوير صوراريخ مماثلة مثل "أقصى" و "سرايا" و غيرها, الأمر الذي أفزع شارون و موفاز لدرجة تدمير معظم الورش في قطاع غزة من جنوبه الى شماله, و الأكثر من ذلك قيامها قبل يومين بتدمير ورشة لتصليح الدراجات الهوائية. إنه الرعب الذي دب في نفوسهم و الذي وصل الى درجة "الهوس".

و لان الشيئ بالشيئ يذكر, فإن المتتبع لأخبار و تقارير حسن أبو زايد في قطاع غزة, لا يجد له سوى مهمة واحدة و هي احصاء عددالقتابل اليدوية أو على رأي المصطلح الغزاوي "الأكواع" التي تُلقى على الجنود الصهاينة في رفح و خانيونس و ذلك في منطقتي بوابة صلاح الدين و حاجز التفاح و لا يستغربن أحد اذا ما سمعه يوما يقول انه قد ألقي خمس و خمسون قنبلة يدوية على أحد الأبراج في منطقة بوابة صلاح الدين. و هذا الرقم يتكرر في الثاني ليصبح "سبع و أربعون" و في الثالث "تسع و ثلاثون" و هكذا ?

ولعل العملاء اليوم, أحد أهم مهماتهم تتبع تصنيع "الأكواع" كما هو تماما تتبع تصنيع و اعداد الصواريخ بأنواعها المختلفة و ذلك كما جاء في اعترافات العديد منهم. ومن هنا فان الرعب الذي أصاب حكومة شارون و الحكومات التي سبقتها مصدره الأساسي هو "أكواع" في أيدي أطفال و أشبال مقاومين و كذلك "صواريخ" متواضعة في أيدي مجاهدين و مقاومين.

و لعل الحديث في الأيام القليلة الماضية عن ظاهرة الأكواع في القطاع قد فتح الباب على هذه الظاهرة في محاولة لمعرفة الايجابيات و السلبيات و ذلك لوضع اسس و معايير واضحة من اجل المحافظة على الأطفال ووقايتهم من الحوادث التي قد تقع بطريق الخطأ أو الصدفة أو الاهمال أو الجهل الى غير ذلك من الأسباب.

اننا لا ننكر ابدا الدور البطولي و الرائد الذي قام به أطفال في عمر الزهور و ذلك في الانتفاضتين الاولى و الثانية من فضح لأساليب الصهاينة و استغلال وسائل الاعلام بطريقة رائعة في ذلك. و يقيني انه لولا مشاركة الازهار في مقاومة الدبابات بكل همجيتها و جنونها لبقي الوضع على ما هو لعشرات من السنين و من هنا فإن علينا جميعا أن نحني رؤوسنا لهذه الازهار التي تفتحت مبكرا و لم تفضح فقط غطرسة و همجية المحتل بل عجز النظام العربي القائم.

و اننا اذ نحني هاماتنا مرة للورود و الزهور و القادة الأفذاذ و الشهداء العظماء و ذلك لابداعهم في ادخال حالة جديدة و مفهوم جديد من مفاهيم الصراع المفتوح الا و هي "توازن الرعب" مع ثقتي الكبيرة بأن لدى هؤلاء الفتية من المقاومين العديد من الابداعات التي لم يبوحوا لنا بها بعد .

محمد رمضان ـ فلسطين

تاريخ النشر : 23:37 04.08.04