أرسلت الزيتونة جذورها إلى أعماق الأرض
أمدتها بكل ما تحتاج إليه من غذاء و ماء
و قالت لها:
إذا نقص عليك شيء فتدبري أمرك في الأعماق
هنالك الحديد و النحاس و الكبريت و الفوسفور
و مليارات من الكائنات الدقيقة و غير الدقيقة
كلها طوع أمرك إذا ما نجحت في تسخيرها
و احذري من الأعداء هناك فهم كثر
لا تستعجلي المعركة معهم
ردت الجذور:
- و كيف نعمل في الظلام؟
- لا تكترثي فالظلام يتلاشى أمام نور الصدق و العزيمة و الإخلاص
غرست الجذور مخالبها و أظفارها في الأرض و بدأت تعمل بدأب
أغار الأعداء على أوراقها و الأغصان
أكلت الأعداء معظم أوراقها و مرَّغت الباقي في التراب
كسَّرتْ الأغصان و صنعتْ منها تماثيل و آلهة يعبدونها
صنعوا منها بيوتا و عرشا فيها يسكنون و ينامون
تشبثت الأغصان بالحياة
استمرت ترسل للجذور بعضا من ماء و بعضا من طعام
أرسلت رسالة إليها:
- الحقيني أيتها الجذور يكاد العدا يقتلونني
لم ترد الجذور لانشغالها في البناء الجاد
أفاضت في العمل ليل نهار و دونما هوادة أو تكاسل
حشدت حولها آلاف الأنواع من البكتيريا و الكائنات الأخرى
صنعت من الحديد سيوفا
و من النحاس موصلات للطاقة و آنية للحاجة
و من الكبريت نارا
و من الفوسفور قنبلة
خاضت معارك طاحنة ضد الأعداء في باطن الأرض
أنتصرت عليها و أفنت جذورها
كانت الجذور على أحر من الجمر لخوض معركة السطح
تنتظر ساعة الصفر
أرسلت فريق استكشاف ٍ إلى السطح
وجد الفريق أن الدنيا قد تغيرت
و معالمها تبدلت و لم يعد على الأرض شيئا مما كان
عاد الفريق إلى قيادة الجذور تحت الأرض
أعدت الجذور نفسها
و حصنت قواعدها
ووزعت مهام العمل
ما بين فوق السطح و تحته
صعدت الجذور إلى السطح يشع منها نور الزيت المبارك
احترق الأعداء و ما عرشوا
و هربت الصعاليك كأنما فرت من قسورة
تنفست الباقيات من الأغصان جميل الهواء
و سألت:
- أين كنت ِ أيتها الجذور و الباطل في عرضي و كرامتي يعربد
- كنت أجتث الباطل من أساسه
تعانقت الجذور و الأغصان و هن يتنسمن نسمات ندية
كانت تهب عليهن من جهة النهر الشرقية
و عصافير الأرض و الزيتون تغني
و الصدى في آفاق الكون يردد
"أنتم شرقي النهر".....
"و هم غربيه".....
محمد رمضان ـ غزة
02.11.2004