حول موضوع الجاليات العربية في اوروبا
بقلم : محمد سليمان ـ د . هندسه ـ ألمانيا

واقع مرير ومسار موروث ومكبل لنا ولاحفادنا في بلدان الشتات واينما كنا واستقر بنا المطاف ..
التعلق باحلام الماضي وغلق افق الفكر والتطور وتعليق الشماعة على الدين هو خنق المستقبل للاجيال اللاحقة وبات كنتيجة حتمية تهددنا جميعا لا محاله !!
ليس لنا ونحن نعيش هنا في اوروبا الشتات إلا الانعتاق وإستغلال فرصة وجودنا في ساحات التقدم والتطور واللحاق بركب الثورة العلمية والاستفادة من التجارب والمكتسبات وما توصل له الاخرون والعمل على التجنس بسرعة هنا! لا نريد ان نكابر او ننكر أننا قد تخلفنا عن الاخرين مئات من السنين والاجيال وفاتتنا معرفة المخترعات والمعادلات والنظريات التي نقلت الامم والشعوب إلى مراحل متقدمة من العيش والحياة واستخدام الآلة واستخراج وتصنيع المواد في جميع المجالات والتكيف والتصرف بمقدرات الانسانية والطبيعة واحوال الانسان وتحديد مدى قدرته واعالته لنفسه ومن سيخلفه والتحكم بكل ذلك على نحو فعال ومفيد ومؤثر وذا فاعلية واسعة الحدود والآفاق !!

أقول ذلك بعد أن كثر الحديث عن احوال ما سمي بالجاليات العربية في اوروبا والمانيا وسوق العديد من الدراسات والنظريات والبنود وقوانين اصلاح الحال واللحاق بركب ألأخرين وعلى الاخص بشعوب واقوام الامم التي نعيش بينها , ولا انكر مطلقا صحة وحسن نوايا وإخلاص هؤلاء الرفاق وغيرتهم على بني جنسهم ومحاولة القيام بنقلة نوعية وسريعة

من أجل أن لا نظل مهمشين وفي وضع يمكن تسميته بالاحياء من حيث الحركة بينما نحن كعرب في الواقع اموات من حيث المساهمة الفعلية والتأثير المحسوس ناهيك عن مجرد القيام بالوظائف البيولوجية ككائنات حية الحركة ليس إلا !!

بادئ ذي بدء لا استطيع أن اتفق على ان مشردينا هنا هم أو هم يكونون جالية بمعني الوصال والتلاحم العضوي لمفهوم الجالية , ومن يريد أن يعتقد ذلك فلا بد أنه نسي أو تناسى أحوال امتنا وشعوبنا وركودها الذي طال وتعاظم وأثر وقضم من عود حياتنا وتطورنا وقذف بنا إلى اسفل سافلين وكل ذلك لا يمكن التغاضي عنه ولا يمكن ازاحة آثاره بقدرة قادر أو بإلقاء خطاب نحلم معه ومنه بإننا على وشك أن نعود إلى ارض الاندلس !!

ولقد ورثنا ومارسنا وارتكنا إلى عادات وطبائع وتربية وجعبلة الكم الهائل من الخلف بعد السلف مما أثقل من حمولتنا وحطم قوانا وانهكنا وأخر مسيرتنا وجعل منا الفريسة السهلة لكل مغامر وطامع فيما عندنا وكان لنا وألحق بنا ودوما الهزيمة كلما تنادينا لتغييرجذري لامورنا من اجل نفض الغبار وإزاحة العفن والغبن عن كواهلنا وبقينا كما يقول المثل : مكانك قف وإلى الوراء سر !!

ونشأت عندنا كيانات هزيلة متأخرة أو بالاحرى أنشأت عندنا ونحن في غفلة من امرنا ودون صحوة ولا رد فعل بل في تراخي ولا إكتراث لم يكن حتى لدى الهنود الحمر ولا عند قبائل سكان الادغال في اواسط افريقيا وامريكا الجنوبية ولا حتى سكان غينيا الجديدة الذين لم يطل ركودهم فنهضوا يدفعون الاذى عنهم ولحقوا بالعصر وحضارة العلم وحياة الحرية وها هم يسيرون على طريق الوحدة والديموقراطية !!

من هذا المنطلق فان مجموعاتنا هنا في اوروبا ليست الا فلول وقوافل ممن أسعدهم الحظ وهربوا من سجون معتقلاتهم واماكن حرمانهم وموطن تعاستهم وحطوا برحالهم هنا وتحت ضغوط نفسية واحوال مادية هائلة واوضاع أقل ما يقال بشأنها انها مزرية ومهينة واحيانا كارثية !!

ولقد كان كل هم هؤلاء اولا أن يبقوا على قيد الحياة ولا يقذف بهم في اتون العذاب مرة أخرى وتلو مره وعندما لاح أن بقائهم هنا قد بات مصبورا علية ومتغاضى عنه ولو إلى حين فماذا شاهدنا عندئذ ؟؟

أنهمك هؤلاء ودون رحمة إلى جر المزيد والباقي من عوائلهم واقاربهم إلى مواقعهم هنا دونما اي حيطة وبذا عادوا الى يناء أحوال ووقائع مشابهة لبلدانهم وما بها من عوز مادي ولحمة من القربى والقبلية والعائلية وبذا نقلوا محيطهم وكيانهم الذي هم هربوا من ويلاته الى حيث مواقعهم واماكن سكنهم التى منحتها لهم ادارة المؤسسات الاجتماعية وهيئات الصدقات والاسعاف الانسانية !!

وهذا كله زاد في الطين بله وكبح جماح محاولة كل تقدم وأضفى على الوضع الهالة المخيفة الكابحة ألا وهي : أنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم لدوما مقتدون والى العدم والتأخر وأينما كنا سائرون !!

وهناك قد يكون 2 ـ 5 % من اوضاع وحالات قد تكون طلابية أو مهنية قد تأتي ربما ليس تحت طائلة هذا الوضع التعس وهي حالات لا تقدم ولا تؤخر بالمعنى الملموس والمرغوب من أجل اصلاح الحال ومع كل اسف وألم !!

وفي هذا التطور حتمية السير في الاتجاه الوحيد الاوحد والذي نقلناه ورضيناة لانفسنا وفرضناه على من إتبعنا وقرب منا , فهل يمكن ايتها الاخوة من المحسوبين على ألـ .. 2 ـ 5 % من الحلم بعمل نصوص وقوانين وتشريعات وسوق العديد من النظريات والدراسات وبنود اصلاح الحال وتراكم الشروط ومراقبة تتابع التطورات والتوصية بانشاء المؤسسات وهيئات المراقبة والقيادة ومزاولة الواجبات والمطلوبات والتقيد بكذا وكذا وهذا وذاك .....

كل هذا ونحن أمام وضع مشابه تماما لاوضاع بلادنا التي هربنا اصلا من نارها الكاوية وما يزاول فيها من ظلم ووزر وديكتاتورية فريدة في ديمومتها وثوبها الممزق ومسمياتها المهترئه ... والان وبعد أن بزغ الجيل الثالث من جماعات الشتات منا هنا نشاهد العجب لا بل عجب العجب فقد خابت الآمال في التقدم النوعي الذي كنا نترقبه وننتظره واعتقدنا أنه سيكون تلقائيا بمثابة ـ تحصيل الحاصل ـ واذا بنا نعود القهقرى وتجبر البنات والعانسات وحتى الابناء المولودون هنا والذين استقوا تلقائيا ثقافتهم ومجمل تربيتهم هنا في اوروبا وكان يؤمل ان يكون هؤلاء وصلة وصل وحلقة ربط وتفاهم وتبادل وحوار لحضارات ومفاهيم ومعتقدات , يجبر هؤلاء الابناء والبنات من قبل كبار السن الجهلة من ذويهم على الزواج من اقاربهم من الدرجة الاولىوما احتووا من امراض وراثية محتومة في بلاد واق الواق التي هرب الجهلة المقعدين هنا منها وبذلك بقينا وسنظل ندور في حلقة مكانك قف والى الوراء دوما سر وهنا يكاد المرء ان يغني كما علقت على ذلك جريدة نيويوبك تايمز قبل فترة وجيزه وباحباط ـ أن ال ح .... .... ولو بين الخيول ربى !!!

وبين هذا وذاك لنترك الاحلام والتمنيات ونقول : إنه إذا آمنا بديننا وأردنا إطاعة رسولنا وعملنا بما جاء في قرآننا فما علينا إلا قراءة آياته ـ إقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق إقرأ وربك الاكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم ـ وكذا لا يحمل الله نفسا إلا وسعها ـ وهذه دعوة واضحه للكف عن إنجاب العديد من الاطفال حيث لا ضمان لحياتهم بعزه .. وقول الرسول الكريم ـ اطليوا العلم ولو في الصين وطلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمه ـ ومن تعلم لغة قوم أمن شرهم ـ وأن نعمل بذلك ودون هواده ـ ومعنى ذلك ان الامتناع عن تحدي الحضارة والتمكن منها إنما هو جريمة وكذا الكسل والتكاسل عن فهم اللغة في بلاد الشتات هنا واجادتها إنما هي جريمة ضد الاندماج والتواصل الحضاري مع الاخرين وهو بمثابة القبض بالنواجذ والارجل على الجهالة والتاخر والى يوم الدين... ولننادي داشما أن نتعلم المشي اولا قبل ان نعلن جاهزيتنا للالتحاق بسباق الركض وما علينا الا الاستفادة والانسجام والانخراط في المجتمعات التي نعيش بينها وان لا نظل نغرد خارج السرب ونسير كشواذ في الملبس والمظهر ورفقة اطفال لنا لم نهيء لهم فرص المساواة والفوز في السباق المهني والتحضير العلمي ومفاهيم العصر والحضارة والفصاحة في اللسان للتأثير على الاخرين وافهامهم وفهمهم وكذا معرفة اصول اللعبة وحدود القانون وما لنا وعلينا من حقوق وواجبات يحميها فهمنا ومعرفتنا واحترامنا للدستور والديموقراطيه.وانخراطنا في مؤسسات الدوله واحزاب وهيئات المجتمع المدني بكل الوانها واشكالها وفي كل مكان !!..

هذا ما نحتاجه ايتها الاخوة اولا واخرا ليس إلا .

محمد سليمان ـ باحث في المانيا / 26ـ12ـ2004