الطغمة العربية المتسلطة ونحن من ورائها نقود شعوبنا إلى الهاوية السحيقة والاندثار المحقق ! ومتى وهل يمكن إعادة الروح الى الجسد ؟؟
قلم : د. محمد سليمان ـ ألمانيا

التـأمل والتقكير فيما جرى ويجري من أحداث ووقائع أمام سمع وناظر واحساس البشرية , قادت الانسان إلى المعتقد والمفهوم ثم الى التحليل والتروي ووضع الشرائع والقوانين والارشادات وتطويرها حسب تتابع الزمن وتقدم المنجزات , وتطور الانسان مع نفسه واهله ومن هم حوله ومن كانوا على وصال أو نفور معه !
وما يعنينا هنا هو هذه التطورات التي تتابعت معنا ووقعت بين ظهرانينا وكيف آلت بنا إلى ما نحن فيه اليوم , وذلك بعد أن كان العالم قد اوجد لنا وصف "بلاد المشرق او البلاد التي تطلع منها الشمس والنور ـ اورينت ـ " ! أي بلاد المعرفة وبزوغ العلم وإنكفاء العتمة والظلام , وسميت اوروبا والغرب بلاد " مغيب الشمس والمجهول أو الاكسيدنت المظلمه !!" .

وفجأة نجد انفسنا في ظلام واقتتام وجهل وتأخر وانحلال وانعدام وتخطوا بلاد الاوكسيدنت عنا خطوات بهرتنا واذهلتنا دون ان يكون لنا امل في اللحاق او حتى المتابعة فاصبحنا كالجسد المشلول والجثة الهامده التي بدت وكان رائحتها باتت تزكم الانوف ولا تجد من يدفنها على عجل بل يتسلى الشامتون بوخزها وحرقها وتقطيع اوصالها والامعان في وضعها في اسفل سافلين !!

فما الذي جرى وحدث وقلب كل الموازين واوصلنا الى هذا الوضع السحيق والاندثار المحقق اذا لم نفق فورا وعلى اعجل من عجل ؟؟
لقد بات واضحا أن المناداة والاستغاثة والتباكي والتمني والتحريض والآمال الكاذبة لم تعد تجدي نفعا ولن تحرك ساكنا !
والحقيقة أن الامر أكثر من قضية تزلف أو تعلق بالاوهام أو الاعتماد على زيد أو عبيد أو شحذ لعواطف أو دفع لخلق الحماس عند بعض المبهورين بحلى الابهة وصولج السلطان وهم اقل قدرا وامكانية عمل او حراك من التمدد او التقلص الحراري الذي قد يلحق بالكرسي الذي يتبختر الحاكم بالارتكان او الاتكال عليه !!

فما العمل إذن وأين المفر من نار هذا الاندثار المحقق !!

لا يمكن هنا إعطاء وصفة سحرية او كشف سر عجيب يزيل الكرب والغم بعصى كعصى موسى او ببلورة او حجاب ساحر !!

الممكن هنا وفقط هو التحليل والتفكير وكشف الدوافع والمسببات لهذا المآل وكيف وصلنا الى هذا المصير وقاع القاع الذي استقرت اشلائنا فيه مسلوبة العقول وغير قادرة على الحراك او تفادي حتفها المرسوم والذي لا بديل لها عنه !!

بادئ ذي بدء يجب أن نكف عن لوم الآخرين والبحث دائما عن الجاني من خارج الدار والادعاء بانه كان وما زال هو السبب والمتسبب وتعليق الشماعة والبلاء على اكتاف الذين استحوذوا على السلطة او التسلط على رقابنا ومقدراتنا وتسيير الامور عندنا ونحن لم نقم باي جهد او عناء او معارضة حقة سوى الركون والطاعة العمياء والاستكانة للقدر وما خبأته السماء لنا ! حتى ان التذبذب والدجل ومديح المسلط من قبل نفسه على قومه وكيل المديح والتبجيل ووصفه بالصفات الإلهية الخارقه من على شاكلة " فاحكم فانت الواحد القهار !! " أو " لتكن دائما ايها الراعي المتسلط أنت الخصم والحكم"

أو ليس من باب العدالة والانصاف أن يوجه كل منا اصابع الاتهام الى الذات واقرب الناس اليه اولا ؟
ألم نساهم كلنا في خلق هذا الواقع المزري لنا ولخلفنا ولاجيالنا اللاحقة ؟؟
ألم نرث ما ورثناه من سوء الطباع وتدمير للذات ولم نحاول مطلقا التعديل او التطوير او البحث عن بديل او ما كان هو أحسن ولو لحين وبقينا نردد " هذا ما وجدنا آبائنا عليه وانا علية سائرون !


بلادنا الخضراء تحولت الى قفراء وصحاري ومقابر !!

البيئة من حولنا اصابها التلوث والهلاك ولم تعد مؤهله للتعافي والانبعاث نحو عودة للحياة والانطلاق نحو التجديد !!
البيت والسكن تهاوى على من فيه وتعفن وتقادم !!

افراد العائلة الواحده يكاد عددهم يتعدى عدد حجارة البيت المسكون وهم في تزايد يشبه الانفجارويأكل الاخضر واليابس !!

لا عمل لا وئام لا سلام لا مستقبل او افق او بصيص من نور في نفق مظلم طويل متعرج ومتهدم !!
اطفالنا وطلاب ما بات ظلما يعرف عندنا بالجامعات ومن حولهم من المتسكعين الباحثين عن النجاة تسقط عليهم من السماء باتت اعدادهم العاطلة عن العمل خياليه وصلت في كثير من البلدان اكثر من 70 % ويا للمصيبة والهلاك المحتم !!

العالم من حولنا فيه معاهد البحث العلمي والاستقصاء ورسم الاستراتيجيات ومراقبة الدخل والنفقات والوظائف المتاحة والممكنه من اجل التدخل والارشاد والانقاذ وعدم انفراط المجتمع وتضخم المصروفات ومنع حالا ت الافلاس والفقر وتخلخل الامن وانتشار الرذائل من مخدرات ومحرمات ونحن نشهق وننعق وكأننا لم نعد من سكان هذا الكون !!

بات معنى الحرية عندنا مرادفا للفوضى ونهب الاخرين وكسب الامتيازات اللاانسانيه الوحشية في المفهنوم والمزاوله !!

تكاد لغتنا أن يشطب منها لفظ حقوق الانسان والديموقراطية وتداول السلطات ومفهوم اختيار الحاكم الا اذا كان الوريث الحالي ابا عن جد وجد الجد !!!

حتى ما كان يعرف في العالم منذ افلاطون بالجمهوريات باتت عندنا جمهوريات ملكية عائليه لكل من استاسد وسبق في الاستيلاء على سلطان القوة وسوطها !!

وفي كل ما سبق واشرنا اليه لم يعد لنا من هدف الا ملئ البطون او انصاف او حتى اخماس البطون لعل الواحد القهار يمد في العمر يوما او شهرا او سنة اخرى تحت اي ظروف او محتل او سجان او مستعبد مهما كان !!

فهل من الغرابة ان تضيع الطاسة بعد كل هذا ؟؟ وهل هناك من يسمع او يعقل كي يحاسب نفسه بعد اليوم ؟؟

السنا في حاجة ماسة لانقاذ ما يمكن انقاذه ومعاقبة كل من انجب منا اطفالا الىتعاسة المجهول !!

الم يحن الوقت لمساعدة الاجيال الحاضره حتى لا تلعننا مع الاجيال اللاحقة ؟؟

الم يصدق قول المعري اليوم اكثرمن كل وقت مضى عندما قال ؟؟ :
هذا جناه ابي علي         وما جنيت على احد

لن ينفعنا التغني بالماضي ولا الزعم بما هو عندنا ونظريات لو ولو ولو ولو
يجب علينا ان نبدأ من الجذور لخلق اجيال صاعده تتعلم لكي تساعد نفسها بنفسها ولا تعيش على الاوهام والخرافات !!
حبذا لو كانت هذه الكلمات دقا لجرس الصحوة وسماع ناقوس الخطر !!
ولكل نفس ما كسبت وعليها ما احتسبت وسلام على كل من اتعظ ووعى وقوم الاعوجاج بالعمل لا باللسان والقول الفارغ !!


* د هندسه وباحث : محمد سليمان ـ ألمانيا

تاريخ النشر : 19:36 08.08.04