رسالة إلى مستر بوش !
بقلم : محمد سليمان - ألمانيا

لا نريد أن نعود الى الماضي ، لا القريب ولا البعيد ، فقد اضحى ذلك ملكا للتاريخ ولن نستطيع إعادة كتابته من جديد وقد أصبحنا ، أنت ونحن ، مصنفين على هذا الجانب أو ذاك ، من معادلة الربح والخسارة ، تلك المعادلة التي يجب العمل على تساوي طرفيها وإلا حدث الخلل الذي عادة ما ينتج عنه ، علاقات غير متوازنة وبالتالي شعور الطرف الخاسر بالظلم ومن ثم الحاجة إلى رد هذا الظلم عن نفسه ، وتكون المحصلة عندها ، هو ما نراه اليوم من تفاقم للأوضاع السائدة بيننا .

وعلى الرغم مما في النفس من مرارة وحسرة وإتجاه نحو التصعيد والمعاداة والتقاطب وتصادم الارادة والمنحى والنهج بيننا كعرب وبين حكام الولايات المتحده , لامور ودوافع وأسباب تعرفونها ونعرفها نحن معكم سويا , ومنذ أن وضعت الحرب العالمية الاولى والثانية أوزارها وتحول العالم إلى غابة "تشونجل" أو لنقل الى ساحة ملعب لكرة القدم ، أصبحتم فيها اللاعب والحكم وتركتم لنا لعب دور الكرة بين أقدامكم ولم يكن لنا حتى حق المتفرج ، لا بل ركلتموننا لنصبح خارج المكان والزمان معاً , وربما كان تشبيه ساحة الملعب بغابة "تشونجل " اقرب إلى واقع الحال حين أصبحتم انتم أسد في غابة ، كنا نحن نعاجها .

نعم يا مستر بوش إننا ندرك أن لكل منا دور قد يظهر ولأول وهلة أنه غير متقاطع ولا وصل او إتصال بين طرفيه , غير أنه وعند التمعن والتبصر سنكتشف أن لنا مشكلة مشتركه وامر وجل وخطير على كلانا ويجب أن يسوى لمصلحة كلانا مجتمعين وإلا فلسوف تقعون أنتم ونحن في حفرة لا قيام لنا بعدها وربما إنقلب السحر على الساحر وتحول أسد الغابة إلى حيوان مدجن في خدمة من هم السبب والمسبب للمشكلة وشيطانها الاكبر ، ألا وهي "كلاب الحراسة ورعاة القطيع والذين وثقتم بها حين تغاضيتم عنها كأرباب للرعية وتقبلتم خدماتها يا مستر بوش !!

هؤلاء ـ كلاب الحراسة ـ هم معظم حكام العالم العربي ـ الذين نشاهدهم اليوم وقد غدروا بنا وبكم يا مستر بوش !!
فلا القطيع تعافى ولا يجد اليوم لا الماء ولا العلف ولا حتى الهواء , ! أما كلاب الحراسة فقد إزدادت سمنة وغباءا وأنانية وثلمت أنيابها وتكسحت حوافرها ... والادهى من كل ذلك أن مصداقيتكم وهالة السمعة والاطراء بكم قد مرغت بالوحل ويكاد أن لا يصبح لكم لا من نصير في ملعب الساحة ولا من معين في الغابة !!
لسنا معنيين يا مستر بوش أن تظلوا او لا تظلوا القوة الكاسحة والاعظم على وجه هذا الكون ولن يضيرنا ذلك ما دمتم تعون أن ألحياة والآدمية سوف تبقى صفات مشتركة بيننا ونحن لا نريد ان نعتدي على أحد أو ننهب ما له وما عنده , على العكس نحن على إستعداد لمد يد المصافحة وتصفية مراحل الماضي والحاضر بالتراضي والحوار وليس لنا من مطلب او معجزة نطلبها منكم اليوم إلا أن تصدقوا الوعد عن حق واحقية وبعد أن حان الوقت لولادة عهد جديد فلا تدعوا الفرصة تفوت واصدقوا مع أنفسكم ومعنا وساعدونا كما تعلنون اليوم صباح مساء على نسف الواقع الحالي الذي لم يعد يحتمل , وسحب البساط من تحت أرجل أعدائنا واعدائكم الا وهم حكام الخسة والرذيلة في معظم أقطار الوطن العربي بعد أن طفح الكيل ولم يعد الامر يطاق وقد أكلت الكلاب لحومنا ونهشت عظامنا وهي تحتمي دائما بكم وتتباهى بالإرتكان إليكم وتندس دائما تحت عبائتكم وتدعي أن كل سيء هو من إرادتكم ونجحت في تملقكم وتقديم صك استباحة شعوبها وامورهم لمن يدفع وينعم عليها أكثر وزاعمة انها الرب والوصي وصاحب المزرعة والدجاج على مدى الحياة والزمن !

تلك الحثالة يا مستر بوش لم تعد تدرك أن للحياة قانونا للتغيير والتطور وان هناك كلمات ذات معاني وفحوى مثل " الحرية , حقوق الإنسان , الديموقراطية ,تبادل السلطه, ألتطور , كرامة الانسان , ألحفاظ على الطبيعة , التطلع للمستقبل , وسعادة الاجيال القادمة ,تنظيم الاسره , ألتصنيع , ألبحث العلمي, ,وأنت ومن حولك تعرفون ذلك أكثر من أي أناس آخرين ...و ....و!!
حتى البوح بكلمة" كفاية" ولا "توريث لجراوكم وبلهاءكم من بعدكم " باتت ف مصر خطر على حياة القائل وربما القارئ فيما لو جهر في قراءتها سواءا من كتاب او من شعار على حائط !!
أصدقوا القول يا مستر بوش ولا تدعوا الجمل يتمخض فيلد فأرا !! فقد كفى اللعب على متاعب ومصائب الشعوب ولا داعي أصلا لذلك فنحن ليس لنا غنى عنكم كما وانه لاغنى لكم عنا ولا نحتاج مطلقا لتلك الحشرات التي لا تعرف إلا التطفل وكما ترى فهي لا تقدر على الحياة إلا متطفلة علينا ومرتكنة إلى حمايتكم وجلب الكراهية والبغضاء إلى حد النقمة والحاق الأذى بكم وبمصالحكم !! ولسوف تجدون أنه عندما تنقشع غمامة الظلام عنا ونحظى بالاعتبار والكرامة كغيرنا من الاقوام المتحضره فلن يكون هناك أبدا أي مشكلة لا يمكن حلها معكم ومع غيركم بالتراضي والنفع والعدل المتبادل !!

اليك يا مستر بوش اتوجه طالبا أن تثبت صدق الكلمة عندما تعلن اليوم أنك تسعى لاحلال الحرية والديموقراطيه في منطقة الشرق الاوسط وحذار حذار من ضياع المصداقية وتكرار مهزلة التغيير كما جرى في ليبيا والتهاون في أمر قبول التوريث أو اللا تغيير في النظام المصري الذي بات يتملق لكم وللحليفة في فلسطين لتدمير سمعتكم والإضرار الهائل بكم وبالحليفة ويدعي أنه يتصرف بإرادتكم !!
نعم يا مستر بوش لقد اصبت في التقويم عندما أشرت إلى ضرورة التغييرالجذري الذي يجب أن لا يبقي ولا يذر من مخلفات العصور الحجرية كما ظل قائما حتى الآن في الجزيرة العربية !
فهل صدقت القول وانقذتنا ومصالح الولايات المتحده على المدى الطويل والعالمي ؟؟
وثق تماما أننا عندئذ نتمنى التوفيق ..

إليك يا مستر بوش .


م . سليمان ــ باحث في ألمانيا / 05 02 2005