ستبقين جميلة في عيني برغم كل بشاعتهم

تُرى ، أية سعادة إجتاحت قلوب هذه الكائنات المسماة بـ "مباحث أمن الدولة" وهي تنهال بالضرب حتى الموت على مواطن لا ذنب له سوى أنه إعترض ذات مرة ، على ما أردوا ترسيخه في نفسه من مفاهيم لعقيدة أنظمتهم السلطوية والتي مفادها ، أن ألوهية حاكم البلاد لا تقل شأناً وسلطاناً عن ألوهية رب السماء .
تُرى ، أي مشاعر مذلة وازدراء ، غمرت قلب هذا المخلوق العجيب المسمى بـ "المواطن العربي" وهو يرى بعيون أنهكها الألم ، كيف تمتد أذرعة عناكب السلطات الحاكمة إلى عنقه لتحبس ما في رئته من بقايا أنفاس الحرية .
وفاة المهندس المصري الشاب ، أكرم الزهيري بعد تعرضه للضرب والتنكيل من قبل هاتيك الكائنات ذات القلوب القاسية والتي لا تعرف الرحمة ، لهي خير مثال على بشاعة المشهد وما وصلت إليه الأمور في سجون أنظمة الحكم القمعية في وطننا العربي .
لكن المشهد الأكثر بشاعة يتمثل في صمت الإعلام الموجه عما حدث ويحدث من تنكيل لرواد السجون العربية ، وهنا تظهر إزدواجية المعايير في أبشع صورها ، فالأقلام التي صرخ مدادها لما حدث في سجن أبو غريب ، كان لا بد لها وأن تصرخ بنبرة أقوى لما حدث في مقر النيابة العامة المصرية وأدى إلى وفاة الزهيري .
فالجندي الأمريكي الذي نكل بالسجناء العراقيين لم يأت بفعل غريب على تقاليد وعادات بلاده ، وذلك على العكس من تلك الكائنات المسماة بـ "مباحث أمن الدولة" ، حيث أن فعل هؤلاء هو شيء غريب على العادات والتقاليد لشعب حضاري ، جذوره ممتدة وراسخة في التاريخ كالشعب المصري وعليه فإن الأيادي التي إمتدت لتضرب الزهيري وغيره من سجناء الرأي ومهما كان إنتماءهم السياسي ، إنما هي معاول هدم لحضارة مصر العريقة .
تُرى ، متى ستصرخ هذه الشعوب الموبوءة بداء السكوت والجالسة على حافة هاوية الصمت في إنتظار السقوط ، أم أن هذه الجماهير الصامتة مازالت تعتقد بأن معاول الهدم ، لها أن تبنى هرماً للشموخ ؟
مصر يا حبيبة القلوب ، ستبقين جميلة في عيني برغم كل بشاعتهم .

احمد منصور ـ المانيا