معاهد أزهرية ومستوطنات صهيونية

ثمة تطورات خطيرة تحدث على الساحة وهذه تتمثل في قرار الحكومة المصرية بحظر منح أية تراخيص لبناء أي معهد أزهري ، لا بل وإعطاء مسؤولية الإشراف على معاهد الأزهر لوزارة التعليم ، ما يعني تهميش دور الأزهر الشريف إلى أبعد الحدود .
قرار الحكومة المصرية كان متوقعاً وهو ليس بالمفاجىء سوى لمن لا يتابع أخبار الحملة الأمريكية وربيبتها الصهيونية على كل شيء له علاقة بالإسلام بغية وصمه بالإرهاب .
تلك الحملة الشعواء التي بدأت بممارسة الضغط على المملكة السعودية للقيام بتحجيم دور الجمعيات الخيرية والدعوية ما أدى في نهاية المطاف إلى إذعان الحكومة السعودية فكانت النتيجة إغلاق العديد من تلك الجمعيات وعلى رأسها مؤسسة الحرمين الخيرية التي فاخر مستشار ولي العهد السعودي عادل الجبير أثناء إنعقاد مؤتمر صحفي بحضور وزير الخزانة الأمريكي جون سنو ، بما أنجزته حكومة المملكة وأخذ يزف لسيده الخبر السعيد ، بأن السعودية أغلقت فروع مؤسسة الحرمين الخيرية في إندونيسيا وكينيا وتنزانيا وباكستان وجمدت حساباتها البنكية ومنعتها من جمع أموال الزكاة والتبرع لحركات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى على إعتبار أنها حركات "إرهابية" .
إذن وكما أسلفنا ، فقرار الحكومة المصرية كان متوقعاً لكن وجه الغرابة في الأمر هو أن يتزامن هذا القرار مع فتوى أصدرها يوم أمس أحد أبرز رجال الدين اليهود وهو الحاخام افيغدور نيفنتسي ئيل ، تنص على قتل وإستباحة دم كل من يسلم أي من المستوطنات الصهيونية المقامة على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأغيار (العرب) أو يسحب تراخيص بناءها ، كون أن تلك المستوطنات هي جزء من أرض "إسرائيل" التوراتية ، حسب قناعة الحاخام ، ثم تلى ذلك تصريحاً لحاخام آخر وهو دوف ليئور والذي اعلن فيه أن أي قرار تتخذه الحكومة أو الكنيست الصهيونية بشأن المستوطنات هو باطل ولا شرعية له ويتعارض مع التوراة وأحكامها .
وهنا يظهر جلياً ، مدى الإستخفاف والإزدراء بالكائن العربي الذي أصبح عليه أن يرى كيف تسلط الجميع على مؤسساته الدينية بهدف هدم قيمه وتراثه وربما يصل الأمر قريباً للمطالبة بهدم مساجده وهذا في نفس الوقت الذي يدافع فيه حاخامات يهود وبكل شراسة عن مستوطنات السلب والنهب والقتل والإرهاب الديني والعنصري الحقيقي غير آبهون بشيء إسمه الرأي العام العالمي الذي أصبح بمثابة القيود والسلاسل في أعناق إمعات العرب التي تضرب بحوافرها ودون رحمة كل من يقول : أنا مسلم من أبناء الوطن العربي .
كم كنا نتمنى لو أن معاهد الأزهر تجد من يدافع عنها أمام الهجمة الشرسة التي بدأت تتعرض لها من قبل الحكومة المصرية التي أذعنت هي الأخرى للضغوط الأمريكية والصهيونية ، لا سيما وأنه سيكون دفاعاً عن حق مشروع وليس كما هو حال دفاع حاخامات صهيون عن باطل مغلف بشرعية دينية عجيبة ، تبيح إغتصاب أراض الآخر .

احمد منصور ـ المانيا