فساد مستورد وآخر محلي والنتيجة ، يجب تفكيك سلطة أوسلو

لا يُصنف الفساد بحد ذاته على أنه مهنة ولم نسمع بأن الفساد هو أحد الغرائز البشرية الموروثة ولا يصبح الإنسان فاسداً إلا بتوافر عوامل عدة ، منها الظرف والمكان المناسبين .
ولم يكن هناك ظرفاً لنمو بذور الفساد ، أفضل من ذلك الذي مر به لبنان أثناء الحرب الأهلية ولا مكاناً أفضل من تلك التربة التي وفرتها بيروت ومناخها آنذاك .
وبما أن هؤلاء ممن نصفهم اليوم بالفاسدين هم وفي غالبيتهم ، زرع فساد نما وترعرع في بيروت وتونس وفي تربتيهما ، فلا يمكن الحديث في ظل هذه المعرفة عن شيء إسمه إصلاح مادام هؤلاء يتبوءون مناصب هامة في سلطة الإدارة المدنية الفلسطينية وأن أي محاولة من هذا القبيل ، ما هي إلا نوع من العبث وإضاعة الوقت .
كل هذا لا يعني عدم وجود فساد محلي ، فالموساد وبالتعاون مع سلطة السجون الإسرائيلية إستطاعت عبر الأعوام ، تخريج دفعة من بين ضعفاء النفس والجبناء ممن كانوا سجناء سابقين لديها وهؤلاء إستطاعوا تسويق أنفسهم لدى الشعب الفلسطيني الذي يكاد يقدس سجناءه ، على أنهم شرفاء ولم ينكشف اللثام عن وجوههم الحقيقية إلا بعد أن تسلقوا هرم السلطة ووصلوا إلى قمته بدعم ومباركة "إسرائيل" .
الحقيقة ، وإن كان مذاقها مر للبعض ، إلا أن قولها هو أفضل بكثير من خداع النفس وتضليلها أو التعلق بحبال آمال السراب ، ولذا علينا أن نقولها ولا نخشى طعمها : يجب تفكيك وحل هذه السلطة الأمنية وتسليم زمام الأمور إلى لجنة تتشكل من جميع فصائل المقاومة لإدارة شؤون الضفة والقطاع وليرى عندها أفراد سلطة أوسلو ، كيف ستساعدهم "إسرائيل" ، شريكتهم في الفساد ، على بدء حياة جديدة ، ربما في أكناف مدينة اللد حيث توفر "إسرائيل" سكناً لمن تعاملوا معها في حال ما انكشف أمرهم .
وسواء كان الفاسد من صناعة محلية أم مستوردة ، فكلاهما يشترك في خاصية العمالة لكيان صهيون وإلا لما إستطاع الفاسد أن يجد الظروف المناسبة لإكمال مشوار فساده أو لكان ظل فاسداً صغيراً وعلى مستوى حارة ، مثلاً وليس رئيس جهاز إستخباراتي أو أمني وشيء من هذا القبيل .
سلطة إدارة الحكم الذاتي الأمنية هي في طريقها إلى الحضيض ولن يخدع عين الشعب البصيرة ، كل المحاولات المتوقع حدوثها لإنقاذ السلطة كتنظيم مظاهرات تهتف بحياة الأخ "الرمز" من قبل عصابات المنتفعين والمنافقين ، فهذه تذكرني بآخر مسيرة حدثت في رومانيا ، كانت فيها الجموع تهتف بحياة الأخ "الرمز" نيكولاي تشاوشيسكو وظلت تهتف وتهتف حتى الدقائق الأخيرة من سقوطه ، كذلك كان الحال بالنسبة للأخ "الرمز" هونيكر ، مستشار ألمانيا الشرقية التي آلت إلى زوال ، فهذا النوع من المسيرات المفروضة فرضاً على الشعوب لا يغني من جوع ولا يمنع سقوط ، عندما يجد الجد وتقع الفأس في الرأس ، وها هي قد وقعت .

احمد منصور ـ المانيا