وردة حمراء إسمها إنتفاضة

وردة حمراء خرجت من ثنايا أرض جريحة وراحت تـنثر عبيرها في الأرجاء فدب شعور الهلع والخوف في أطراف حقول الأشواك المحيطة بها من كل جانب ، فأخذت هذه بإطباق الحصار عليها فصارت الوردة الحمراء تستصرخ قطرات الندى وكان الزمن يقرع أجراس السويعات الأخيرة قبل بزوغ الفجر .
لو كان لهذا الفجر أن يتحدث بلسان البشر لكان اشتكى سلوك هذا العربي الذي إعتاد على إرتداء ثوب العتمة والصمت وذلك منذ ألف عصر .
كثيرة هي الرؤى حول ما يحدث اليوم في فلسطين وقد يكون بعضها صائب وبعضها غير ذلك ، لكن أي رؤية يقوم صاحبها بإغفال دور أنظمة الجوار العربي وكيان صهيون فيما يحدث ، إنما هي رؤية ناقصة ومختزلة الأبعاد ولا تصلح لإظهار وجه الحقيقة المختفي خلف ستائر مسرح التعتيم على الأحداث بفروعه الثلاثة ، عمان والقاهرة وتل أبيب .

القاهرة تصمت تجاه ما يحث في فلسطين لأن لها مشاكلها التي تريد صرف عيون الإعلام عنها ، حيث أن مسحوق النظيف الذي أخرجه الساحر من جيب معطفه ، لا يصلح على ما يبدو لتنظيف أكوام غسيل تراكمت عليها أوساخ سنين التحكم المنفرد بآلة الغسيل المعطلة والمسماة بالحكومة .

وعمان تصمت لأن لها في الداخل الفلسطيني ألسنة ممتدة كألسنة ذلك الكائن الخرافي وهي تقذف بالحمم وكلما حاول البعض إخماد ما تحت الرماد الفلسطيني من جمر مشتعل ، ومصلحتها في ذلك تعود إلى تاريخ ما قبل تأسيس إمارة شرق الأردن وهذه المصالح لا بد وأن تكون معروفة لكل من تصفح ولو القليل من سطور تاريخ المنطقة .

أما تل أبيب والتي تتحمل مسؤولية أي شيء يحدث في عموم فلسطين كون أن سلطة الحكم الذاتي الفلسطينية هي سلطة أمنية بالدرجة الأولى وتدير شؤون المناطق الخاضعة لها بتوكيل من تل أبيب وحسب إتفاق أوسلو ، إذا ما قرأنا تفاصيله بعناية ، فإنها أي تل أبيب ، تصمت على ما يحث ولها أسبابها الوجيهة في ذلك وهذه الأسباب مستقاة من ذهنية ودافع وإتجاهات يمينية متطرفة كتلك التي تأسس عليها حزب الليكود الحاكم والممثل برئيس وزراء حكومة تل أبيب والذي يؤمن إيماناً راسخاً بإسرائيل الكبرى ولكنه يأمل بظروف أفضل من الظروف الحالية لتحقيق ما يؤمن به ، وفي حال ما بدأ الفلسطينيون ممن جاءت بهم سفينة أوسلو إلى المناطق الفلسطينية بجعاب ممتلئة بخبرات واسعة في فن إدارة الحروب الأهلية والفساد والتي إكتسبوها في شوارع بيروت ، فإذا ما بدأ هؤلاء بالتطبيق العملي لتلك الخبرات على أرض الواقع في غزة والضفة الغربية ، فسوف تتحسن عندها الظروف للبدء في وضع حجر الأساس لإسرائيل الكبرى .

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ، في أي المساحات علينا أن ننبش عن حل مناسب لهذه المشكلة العويصة ؟
ربما يكمن هذا الحل في الإصطفاف حول تلك الوردة الحمراء التي ذكرت حكايتها في بداية هذه المقالة ، بهدف منع أيادي الحاقدين من إجتثاثها .

احمد منصور ـ المانيا