ليس للفهم وإنما لعدمه
تاريخ النشر
: 11:11 27.08.02

ذات إحباطة من الإحباطات وبينما كنت سائراً من سرايا الدولة الى دولة الوزير ، شاهدت ابو زياد ما بين الناقص من الحياة وبقية الحسبة ، جالساً لا يقوى على الوقوف في أي صف من صفوف الزاعمين بإمتلاك مفتاح حل قضيته بالقضاء عليها أو ركلها ما بين الصفر السعودي والثماني أهداف الألمانية .
لقد كان يوماً من أيام أيار من شهر يار ، عندما سمعت من بعيد ساعة ميدان التحرير تدق منتصف الهزيمة الثالثة بعد الثانية ولم أكن حينها أتوقع أن الأمر يتعلق فوق برج بيزا المائل وعلى الطريقة الرومانية للصراع مع العربي والثور من أجل البقرة الحلوب .
وفيما كان ابو زياد لا يزال يلوح بمفتاح بيته المسلوب في مدينة يافا ـ ياما العربية والتي تحولت فيما بعد الى يافا ـ مفيش بالعبرية ، عبرت من أمامي نملة أظن أنها كانت من النمل الأبيض لأنها كانت بالفعل أبيض من أي صنف عرفته من أصناف الدجاج البلدي وحتى الرومي .
وعلى ذكر قضية البيض هذه ، فلم أكن أعرف بعد بأن مشاكل شعبنا تتأرجح ما بين بيضة ميزان وبيضة ابو مازن الى بيضة أصغر ثوار فنادق الوزان الواقعة في شوارع حمراء الطابع .
وفي عودة سريعة البطء الى ابو زياد الذي ما زال لاجئاً الى الحل في حلحول قضاء خليل الرحمن وقدره المكتوب على أن يصبح الدولار عملة من كانوا بالأمس ثوار ، فقد فهم ابو زياد انها ستكون ثورة حتى البنك او ربما لأبعد من ذلك بكثير او قليل ، فالمسافات المقطوعة هي كالوطن المقطع ، كلاهما يصبح تاريخاً وجغرافيا سيدرسها تلاميذ مدارسنا الصغار بين سطور الكتب وساطور الإتحاد الأوروبي الداعم لوزارة تعليم سلطتنا المهووسة في حب إدخال كل قطعة يورو الى جيوب اللاعلم لنا بها .
لذلك نام ابو زياد مرتاح البال وكذلك هاني الحسن والطالع ، والطالع لا بد يوماً نازل وأكمل حلمه ليس للفهم وإنما لعدمه .

احمد منصور