بسـام أبو شريف وكلب جـارتـي
تاريخ النشر : 06:51 24.08.04

كان لجارتي الألمانية كلباً ودوداً ، هاديء الطبع والطباع ، قلما سمعناه ينبح لكنه وللأسف الشديد وكما جاء على لسان جارتي : "قرر قبل حوالي إسبوعين ، أن يترك عالمنا ويمضي إلى العالم الآخر بعد أن كنا ألفناه وأحببناه كفرد من أفراد عائلتنا الصغيرة" .
عائلة جارتي الصغيرة تلك ، كانت وحتى موت الكلب ، تتكون من ثلاثة أفراد هم ، جارتي ذاتها والكلب المرحوم وحيوان آخر يشبه السناجب إلى حد بعيد ولكنه ليس سنجاباً .
ولطالما حدثتني جارتي المكلومة في الأيام القليلة الماضية عن مصابها الجلل والمتمثل بفقدانها للكلب وفي كل مرة كانت دموعها تحبو بصمت على وجناتها التي كانت تبدو وكأن الحزن حفر أخاديده فيها .
بالأمس فوجئت بسماع نباحاً مزعجاً ، مصدره بيت جارتي وقد إستمر ذلك النباح طوالة الليل فلم تلتم أطراف عيوني على لحاظها وبقيت أسامر غضبي حتى ساعات الصباح ، وعندها شدني ما كان بي من غضب ورافقني معه إلى جارتي لنستفسر عن أمر ذلك النباح فأخذنا بالطرق على بابها بشدة لكنها خرجت علينا بعد أن فتحت الباب وبكل لطف دعتنا إلى تناول قهوة الصباح معها .
لم تستطع إبتساماتي المصطعنة إخفاء ملامح وجهي الغاضب عن جارتي والتي نادت على كلبها الجديد لتقدمه لي وحين جاء الكلب أشارت إليه قائلة : إسمه "شريف" .. هكذا هو إسم كلب جارتي حقاً ، إذا ما قمنا بترجمته من الألمانية إلى العربية .
إنتابني الشعور بالخجل بسبب لطافة جارتي حتى كدت أنسى أو أتناسى سبب قدومي إليها ، بيد أنها وبفطنتها أنقذتني من الحرج واعتذرت مني على ما سببه لي الـ "شريف" من إزعاج وقالت : هذا الكلب لم يتعلم شيئاً عدا النباح ، حينها خطر ببالي بسام أبو شريف وفجأة إخترقت سهام محبة الكلب حجرات قلبي والفؤاد لأن كلام جارتي كان مقنعاً ومنطقياً إلى أبعد الحدود وأعتقد جازماً بأن نباح الكلاب لن يزعجني بعد اليوم لأنها وبالفعل ، خُلقت لتنبح وهذه هي طبيعتها .
في المقابل ، تضاعف غضبي على بسام أبو شريف فهو لا بد وأن يكون قد تعلم أشياء أخرى غير ترديده بين الفينة والأخرى لنفس العبارات التي يدعو فيها إلى إيقاف "العنف" الفلسطيني والسعي بكل جدية لتحقيق السلام وبأي ثمن .
قد أظلم أحد "الشريفين" ، إذا ما حاولت مقارنة أحدهما بالآخر ، حيث أن لكل "شريف" طبعه وعظمته التي عليه أن يظل يلوكها كي لا يجف لعابه .

احـمد مـنصور ـ المانـيا