هل كانت أحداث غزة مسرحية متفق عليها بين الرمز ودحلان ؟
تاريخ النشر : 00:50 20.08.04

قبل الإجابة على السؤال المطروح أعلاه ، علينا أن نتذكر بأن ما يزيد عن الـ 80 ألفاً من الفلسطينيين تم التضحية بهم في مسلخ الرمز الذي زج بخيرة الشباب الفلسطيني ليجد هؤلاء أنفسهم طرفاً في أحداث أيلول الأسود في الأردن وفي الحرب الأهلية اللبنانية ، دون أن يكون لذلك أية صلة من قريب أو بعيد بتحرير فلسطين وإنما من أجل الوصول إلى أوسلو ومدريد عن طريق ما كان يُعرف في ثمانينيات القرن الماضي بـ "دبلوماسية الفنادق" التي كان يقودها هاني الحسن بتوكيل من الرمز نفسه .

بمعنى آخر ، فإن مئة سنة من المقاومة ضد كيان صهيون ، ما كانت ستكلف الشعب الفلسطيني هذا القدر من الخسائر البشرية التي سسببتها سياسة صاحب مقولة "يا جبل ما يهزك ريح" وكل مثيلاتها من المقولات الفارغة من أي محتوى أو مضمون والتي لا يبتلعها ودون هضم إلا جهلة القوم ممن تم إقتلاع أضراسهم والأسنان .

أما بالنسبة لـ "أبو ريالة" والمعروف تحت إسم دحلان ، فهو أحد أبناء الرمز بالتبني ، ويمكننا القول بأن هذا الدحلان ، دحل إلى الوجود من تحت حذاء الرمز ومن هناك اكتسب رائحته الكريهة والتي سببت له عقدة نفسية ، فصار يحاول جاهداً ، تعويض ما به من نواقص بأن أخذ يبتاع ألبسة وعطور بمبالغ خيالية ، جاوزت في كل مرة 12 ألف ديناراً أردنياً ، وكل هذا من ثروة جمعها من خلال سرقته لأموال الشعب وبمعرفة الرمز ومباركته .

لكن هذا ليس بالمهم وليس بالشيء الكبير إذا ما قورن بما ينتظر شعب فلسطين من مصائب ستحل به قريباً وحين يبدأ الرمز ، وكما تؤكد كل توقعات المحللين السياسيين ، بتوقيع التنازل تلو الآخر بعد أن إكتملت فصول مسرحية الثلاثي المرح ، دحلان وقريع والرمز والتي مثلت أحداث قطاع غزة نهايتها الدرامتيكية .

لقد حققت تلك المسرحية كل ما أراده الثلاثي المرح تحقيقه منها ، فها هو الشعب الفلسطيني وقد أصبح أكثر تمسكاً بعرفات من أي وقت مضى وذلك لخشيته من البديل المحتمل (دحلان) والذي مثل دوره وكما طلب منه الرمز ، فأرهب الناس وهيئهم لقبول كل ما سيقدمه عرفات من تنازلات مطلوبة من شلة أوسلو لضمان إستمرار الدعم المالي الأوروبي والدعم السياسي الأمريكي والأردني والمصري لهم .

وقبل أن يأتي أحد المنصهرين في حب الرمز ليعيد سرد الرواية التي لطالما رددها هاني الحسن حتى بُح صوته ، عن أن عرفات رفض تقديم أية تنازلات عن الحقوق أثناء تواجده في إسطبل داود برعاية كلنتون ، أقول بأن هذه الرواية لا أساس لها من الصحة وأن الحقيقة هي أن مدير جهاز الإستخبارات في كيان صهيون وكان وقتها ليكودي متطرف ، لفق تقريراً كاذباً زعم فيه أن عرفات سيذهب إلى الإسطبل كي يناور وأنه لا يسعى إلى تحقيق إتفاق سلام ، وبناءاً على ذلك التقرير الملفق والذي حمله باراك معه إلى الإسطبل فقد تعثرت المباحثات وكان الطرف الصهيوني هو السبب من وراء ذلك وليس ثبات عرفات ، وبالتالي فقد كان لذلك التقرير الملفق الأثر الكبير في سقوط حكومة باراك ومن ثم إنهيار حزب العمل وصعود الليكود اليميني وشارون إلى قمة هرم السلطة في كيان صهيون ، وهذه ليست رواية من روايات هاني الحسن ، بل هي حقيقة موثقة .

أخيراً ، فأنا على يقين بأن عرفات سيتنازل قريباً عن حق عودة اللاجئين لكي ينهي مسيرة حياته الدموية بما يرضي شريكه الهالك رابين الذي ينتظره على أحر من الجمر وبكل ما للكلمة من معنى .

احـمد مـنصور ـ المانـيا